[100] ولهذا قال الشيخ «ابو منصور» رحمه الله العصمة لا تزيل المحنة. وبهذا يظهر فساد قول من قال: انها خاصية فى نفس الشخص، أو فى بدنه، يمتنع بسببها صدور الذنب عنه. كيف ولو كان الذنب ممتنعا لما صح تكليفه بترك الذنب، ولما كان مثابا عليه؟ (ولا أن يكون أفضل أهل زمانه) لأن المساوى فى الفضيلة بل المفضول الأقل علما وعملا، ربما كان أعرف بمصالح الامامة ومفاسدها، وأقدر على القيام بمواجبها، خصوصا اذا كان نصب المفضول أدفع للشر، وأبعد عن اثارة الفتنة. ولهذا جعل عمر رضى الله عنه الامامة شورى بين ستة، مع القطع بأن بعضهم أفضل من البعض.
فان قيل: كيف صح جعل الامامة شورى بين الستة، مع أنه لا يجوز نصب امامين فى زمان واحد. قلنا: غير الجائز هو نصب امامين مستقلين يجب طاعة كل منهما على الانفراد [1] ، لما يلزم من ذلك من امتثال أحكام متضادة. وأما فى الشورى فالكل بمنزلة امام واحد (ويشترط أن يكون من أهل الولاية المطلقة الكاملة) أى مسلما حرا ذكرا عاقلا بالغا، اذ ما جعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا.
والعبد مشغول بخدمة المولى، مستحقر فى أعين الناس، والنساء ناقصات عقل ودين [2] ، والصبى والمجنون قاصران عن تدبير الأمور، والتصرف فى مصالح الجمهور (سائسا) أى مالكا للتصرف فى أمور المسلمين بقوة رأيه ورويته ومعونة بأسه وشوكته (قادرا) بعلمه وعدله وكفايته وشجاعته (على تنفيذ الأحكام، وحفظ حدود دار الاسلام، وانصاف المظلوم من الظالم) اذ الاخلال بهذه الأمور مخل بالغرض من نصب الامام (ولا ينعزل الامام بالفسق) أى بالخروج عن طاعة الله تعالى (والجور) أى الظلم على عباد الله تعالى، لأنه قد ظهر الفسق وانتشر الجور من الأئمة [3] والأمراء بعد الخلفاء الراشدين. والسلف قد كانوا ينقادون لهم، ويقيمون الجمع
(1) الآخر: خ الانفراد: ط.
(2) فى ولاية العبد والمرأة خلاف بين الفقهاء يراجع عند اوله: «انى وجدت امرأة تملكهم» .
(3) الائمة: ط.