[67] القبور كفار وعصاة، فالتعذيب بالذكر أجدر (وسؤال منكر ونكير) وهما ملكان يدخلان القبر فيسألان العبد عن ربه وعن دينه وعن نبيه.
قال السيد أبو شجاع: ان للصبيان سؤالا، وكذا للأنبياء عند البعض (ثابت) كل من هذه الأمور ثابت [1] (بالدلائل السمعية) لأنها أمور ممكنة أخبر بها الصادق على ما نطقت به النصوص. قال الله تعالى:
«النّارُ يُعْرضُون عليْها غُدُوًّا وعشِيًّا، ويوْم تقُومُ السّاعةُ أدْخِلُوا آل فِرْعوْن أشدّ الْعذابِ» [2] وقال الله تعالى: «أُغْرِقُوا فأُدْخِلُوا ناراً» وقال النبي صلى الله عليه وسلم «استنزهوا من البول، فان عامة عذاب القبر منه» . (وقال عليه السلام) : قوله تعالى «يُثبِّتُ اللهُ الّذِين آمنُوا بِالْقوْلِ الثّابِتِ فِي الْحياةِ الدُّنْيا وفِي الْآخِرةِ» [4] : نزلت فى عذاب القبر، اذ قيل له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟
فيقول ربى الله، ودينى الاسلام، ونبيى محمد عليه السلام.
وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «اذا قبر الميت أتاه ملكان أسودان أزرقان عيناهما [5] ، يقال لأحدهما منكر والآخر نكير» الى آخر الحديث. وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران» .
وبالجملة: الأحاديث الواردة فى هذا المعنى، وفى كثير من أحوال، الآخرة: متواترة المعنى. وان لم يبلغ آحادها حد التواتر.
وأنكر عذاب القبر بعض المعتزلة والروافض، لأن الميت جماد لا حياة له ولا ادراك، فتعذيبه محال. والجواب: انه يجوز [6] أن يخلق الله تعالى فى جميع الأجزاء أو فى بعضها نوعا من الحياة، قدر ما يدرك ألم العذاب أو لذة التنعيم. وهذا لا يستلزم اعادة الروح الى بدنه، ولا أن يتحرك ويضطرب، أو يرى أثر العذاب عليه، حتى أن الغريق فى الماء أو المأكول فى بطون الحيوانات، أو المصلوب فى الهواء، يعذب وان لم نطلع عليه. ومن تأمل فى عجائب ملكه تعالى وملكوته وغرائب قدرته وجبروته، لم يستبعد أمثال ذلك فضلا عن الاستحالة.
(1) ثابت: خ.
(2) غافر 46 والآية الثانية: نوح 25.
(4) زيادة من ط.
(5) عيناهما: ط.
(6) يجوز: ط.