[63] فمنعه المعتزلة بناء على القبح العقلى، وجوزه «الأشعرى» لأنه لا يقبح من الله تعالى شيء.
وقد يستدل بقوله تعالى: «لا يُكلِّفُ اللهُ نفْساً إِلّا وُسْعها» على نفى الجواز. وتقريره: انه لو كان جائزا لما لزم من فرض وقوعه محال، ضرورة ان استحالة اللازم، توجب استحالة الملزوم، تحقيقا [1] لمعنى اللزوم، لكنه لو وقع، لزم كذب كلام الله تعالى، وهو محال. وهذه نكتة فى بيان استحالة وقوع [2] كل ما يتعلق علم الله تعالى أو ارادته أو اختياره، بعدم وقوعه. وحلها: انا لا نسلم أن كل ما يكون ممكنا فى نفسه، لا يلزم من فرض وقوعه محال. وانما يجب ذلك، لو لم يعرض له الامتناع بالغير، والا لجاز أن يكون لزومه محال [3] ، بناء على الامتناع بالغير، الا يرى أن الله تعالى لما أوجد العالم بقدرته واختياره، فعدمه ممكن فى نفسه، مع أنه يلزم من فرض وقوعه تخلف المعلول عن علته التامة، وهو محال.
والحاصل أن الممكن فى نفسه، لا يلزم من فرض وقوعه محال، بالنظر الى ذاته. وأما بالنظر الى أمر زائد على نفسه، فلا نسلم أنه لا يستلزم المحال (وما يوجد من الألم فى المضروب عقيب ضرب انسان والانكسار فى الزجاج عقيب كسر انسان) قيد بذلك، ليصبح محلا للخلاف فى أنه هل للعبد صنع فيه أم لا؟ (وما أشبهه) كالموت، عقيب القتل (كل ذلك مخلوق لله تعالى) لما مر من أن الخالق هو الله تعالى وحده، وأن كل الممكنات مستندة إليه بلا واسطة. والمعتزلة لما أسندوا بعض الأفعال الى غير الله تعالى. قالوا: ان كان الفعل صادرا عن الفاعل لا بتوسط فعل آخر، فهو بطريق المباشرة.
والا فبطريق التوليد. ومعناه أن يوجب الفعل لفاعله فعلا آخر، كحركة اليد توجب حركة المفتاح. فالألم متولد من الضرب، والانكسار من الكسر، وليسا مخلوقين لله تعالى. وعندنا: الكل بخلق الله تعالى (لا صنع للعبد فى تخليقه) والأولى أن لا يقيد بالتخليق، لأن ما يسمونه متولدات لا صنع للعبد فيه أصلا. أما
(1) وتحقيقا: خ.
(2) وقوع: ط.
(3) لزوم الحال: ط.