[54] الشرائط موجودة) [1] لوجب أن يرى والا لجاز أن يكون بحضرتنا جبال شاهقة لا نراها وأنها سفسطة. قلنا ممنوع فان الرؤية عندنا بخلق الله تعالى فلا تجب عند اجتماع الشرائط ومن السمعيات قوله تعالى «لا تُدْرِكُهُ الْأبْصارُ وهُو يُدْرِكُ الْأبْصار» [2] والجواب بعد تسليم كون الابصار للاستغراق وافادته عموم السلب لا سلب العموم وكون الادراك هو الرؤية مطلقا لا الرؤية على وجه الاحاطة بجوانب المرئى أنه لا دلالة فيه على عموم الأوقات والأحوال وقد يستدل بالآية على جواز الرؤية اذ لو امتنعت لما حصل التمدح بنفيها كالمعدوم لا يمدح بعدم رؤيته لامتناعها وانما التمدح فى أنه تمكن رؤيته، ولا يرى للتمنع والتعزز بحجاب الكبرياء. وان جعلنا الادراك عبارة عن الرؤية على وجه الاحاطة بالجوانب والحدود، فدلالة الآية على جواز الرؤية، بل تحققها أظهر، لأن المعنى أن الله تعالى مع كونه مرئيا لا يدرك بالأبصار، لتعاليه عن التناهى والاتصاف بالحدود والجوانب.
ومنها: أن الآيات الواردة فى سؤال الرؤية مقرونة بالاستعظام والاستنكار. والجواب: ان ذلك لتعنتهم وعنادهم فى طلبها، لا لامتناعها. والا لمنعهم موسى عليه السلام عن ذلك، كما فعل حين سألوا أن يجعل لهم آلهة. فقال: «إِنّكُمْ قوْمٌ تجْهلُون» [3] وهذا مشعر بامكان الرؤية فى الدنيا.
ولهذا اختلف الصحابة رضى الله عنهم فى أن النبي صلى الله عليه وسلم هل رأى ربه ليلة المعراج أم لا؟ والاختلاف فى الوقوع دليل الامكان [4] .
وأما الرؤية فى المنام، فقد حكيت عن كثير من السلف. ولا خفاء فى أنها نوع مشاهدة، تكون بالقلب دون العين.
الله تعالى خالق لافعال العباد كلها
(والله تعالى خالق لأفعال العباد كلها من الكفر والايمان، والطاعة والعصيان) لا كما زعمت المعتزلة أن العبد خالق لأفعاله.
وقد كانت الأوائل منهم يتحاشون [5] عن اطلاق لفظ الخالق على العدد،
(1) سقط: خ.
(2) الانعام 103.
(3) الاعراف 138.
(4) واختلفوا فى المتشابه فقال بعضهم: الى نعم ربها ناظرة. وانهم محجوبون عن رحمة الله لا عن ذاته.
(5) لا يتجاسرون على: خ.