فهرس الكتاب
الصفحة 49 من 112

[52] لا رابع يشترك بينهما. والحدوث عبارة عن الوجود بعد العدم، والامكان عبارة عن عدم ضرورة الوجود والعدم. ولا مدخل للعدم فى العلة، فتعين الوجود. وهو شترك بين الصانع وغيره، فيصح أن يرى من حيث تحقق علة الصحة، وهى الوجود، ويتوقف امتناعها على ثبوت كون شيء من خواص الممكن شرطا، أو من خواص الواجب مانعا. وكذا يصح أن ترى سائر الموجودات من الأصوات والطعوم والروائح، وغير ذلك. وانما لا ترى بناء على أن الله تعالى لم يخلق فى العبد رؤيتها بطريق جرى العادة، لا بناء على امتناع رؤيتها.

وحين اعترض بأن الصحة عدمية فلا تستدعى علة. ولو سلم (فالواحد النوعى) [1] قد يعلل بالمختلفات كالحرارة بالشمس والنار.

فلا يستدعى علة مشتركة، ولو سلم فالعدمى يصلح علة للعدمى، ولو سلم فلا نسلم اشتراك الوجود، بل وجود كل شيء عينه.

أجيب: بأن المراد بالعلة متعلق الرؤية، والقابل لها. ولا خفاء فى لزوم كونه وجوديا، ثم لا يجوز أن يكون خصوصية الجسم أو العرض، لأنا أول ما نرى شبحا من بعيد، انما ندرك منه هوية ما، دون خصوصية جوهريته أو عرضيته أو انسانيته أو فرسيته.

ونحو ذلك. وبعد رؤيته برؤية واحدة متعلقة بهويته قد نقدر على تفصيله الى ما فيه من الجواهر والأعراض. وقد لا نقدر، فمتعلق الرؤية هو كون الشيء له هوية ما. وهو المعنى بالوجود واشتراكه ضرورى. وفيه نظر، لجواز أن يكون متعلق الرؤية هو الجسمية وما يتبعها من الأعراض، من غير اعتبار خصوصيته.

وتقرير الثانى: أن موسى عليه السلام قد سأل الرؤية بقوله:

«ربِّ أرِنِي أنْظُرْ إِليْك» [2] فلو لم تكن الرؤية ممكنة، لكان طلبها جهلا، بما يجوز فى ذات الله تعالى، وما لا يجوز أو سفها وعبثا وطلبا للمحال. والأنبياء منزهون عن ذلك، وأن الله قد علق الرؤية باستقرار الجبل، وهو أمر ممكن فى نفسه. والمعلق بالممكن ممكن، لأن معناه الاخبار بثبوت [3] المعلق عند ثبوت المعلق به، والمحال لا يثبت على شيء من التقادير الممكنة.

(1) قالوا: خ.

(2) الاعراف: 143.

(3) بكون: خ بثبوت: ط.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام