فهرس الكتاب
الصفحة 11 من 112

[14] وقيل: المراد العلم بثبوتها للقطع بأنه لا علم بجميع الحقائق.

والجواب: ان المراد الجنس، ردا على القائلين بأنه لا ثبوت لشيء من الحقائق، ولا علم بثبوت حقيقة ولا بعدم ثبوتها (خلافا للسوفسطائية) فان منهم من ينكر حقائق الأشياء، ويزعم أنها أوهام وخيالات باطلة وهم العنادية، ومنهم من ينكر ثبوتها. ويزعم أنها تابعة للاعتقادات، حتى ان اعتقدنا الشيء جوهرا فجوهر، أو عرضا فعرض، أو قديما فقديم، أو حادثا فحادث وهم العندية.

ومنهم من ينكر العلم بثبوت شيء ولا ثبوته. ويزعم انه شاك.

وشاك فى أنه شاك وهلم جرا. وهم اللاأدريِة.

لنا تحقيقا: أنا نجزم بالضرورة بثبوت بعض الأشياء بالعيان، وبعضها بالبيان. والزاما: أنه ان لم يتحقق نفى الأشياء، فقد ثبتت، وان تحقق، فالنفى حقيقة من الحقائق، لكونه نوعا من الحكم، فقد [1] ثبت شيء من الحقائق، فلم يصح نفيها على الاطلاق.

ولا يخفى أنه انما يتم على العنادية. قالوا: الضروريات منها حسيات، والحس قد يغلط كثيرا، كالأحول يرى الواحد اثنين، والصفراوى يجد الحلو مرا. ومنها بديهيات. وقد يقع فيها اختلافات. وتعرض شبه يفتقر فى حلها الى أنظار دقيقة. والنظريات فرع الضروريات. ففسادها فسادها. ولهذا كثر فيها اختلاف العقلاء.

قلنا: غلط الحس فى البعض، لأسباب جزئية، لا ينافى الجزم بالبعض بانتفاء أسباب الغلط. والاختلاف فى البديهى لعدم الألف أو لخفاء فى التصور، لا ينافى البداهة. وكثرة الاختلافات لفساد الأنظار، لا تنافى حقيقة بعض النظريات. والحق: أنه لا طريق الى المناظرة معهم، خصوصا اللاأدريِة. لأنهم لا يعترفون بمعلوم، ليثبت به مجهول، بل الطريق تعذيبهم بالنار، ليعترفوا أو يحترقوا.

و «سوفسطا» اسم للحكمة المموهة. والعلم المزخرف، لأن «سوفا» معناه العلم والحكمة و «اسطا» معناه المزخرف، والغلط. ومنه

(1) فقد: ط.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام