[106] المتشابه. لأنا نقول: المراد بالنص هاهنا ليس ما يقابل الظاهر، والمفسر والمحكم، بل ما يعم أقسام النظم على ما هو المتعارف (فالعدول عنها) أى عن الظواهر (الى معان يدعيها أهل الباطن) وهم الملاحدة وسموا الباطنية لادعائهم أن النصوص ليست على ظواهرها، بل لها معان باطنة لا يعرفها الا المعلم. وقصدهم بذلك: نفى الشريعة بالكلية (الحاد) أى ميل وعدول عن الاسلام، (واتصال واتصاف بكفر) [1] لكونه تكذيبا للنبى عليه السلام فيما علم مجيئه بالضرورة.
وأما ما يذهب إليه بعض المحققين من أن النصوص محمولة [2] على ظواهرها، ومع ذلك ففيها اشارات خفية الى دقائق تنكشف على أرباب السلوك، يمكن التطبيق بينها وبين الظواهر المرادة، فهو من كمال الايمان ومحض العرفان.
(ورد النصوص) بأن ينكر الأحكام التى دلت عليها النصوص القطعية من الكتاب والسنة كحشر الأجساد مثلا (كفر) لكونه تكذيبا صريحا لله تعالى ورسوله عليه السلام. فمن قذف عائشة بالزنا: كفر (واستحلال المعصية) صغيرة كانت أو كبيرة (كفر) اذا ثبت كونها معصية، بدليل قطعى. وقد علم ذلك فيما سبق (والاستهانة بها كفر، والاستهزاء على الشريعة: كفر) لأن ذلك من أمارات التكذيب.
وعلى هذه الأصول يتفرع ما ذكر فى الفتاوى، من أنه اذا اعتقد الحرام حلالا، فان كان حرمته لعينه، وقد ثبت بدليل قطعى، يكفر. والا فلا، بأن تكون حرمته لغيره، وأثبت بدليل ظنى. وبعضهم لم يفرق بين الحرام لعينه ولغيره، فقال: من استحل حراما قد علم فى دين النبي عليه السلام تحريمه، كنكاح ذوى المحارم أو شرب الخمر، أو أكل ميتة أو دما أو لحم خنزير، من غير ضرورة فكافر.
وفعل هذه الأشياء بدون الاستحلال فسق. ومن استحل شرب النبيذ الى أن يسكر كفر. أما لو قال لحرام: هذا حلال، لترويج
(1) سقط خ.
(2) محمولة: ط.