تناسق هذه الأجهزة كلها وتعاونها،وتجاوبها الكامل الدقيق.وكل عجيبة من هذه تنطوي تحتها عجائب.وفي كل عضو وكل جزء من عضو خارقة تحير الألباب.
وأسرار روحه وطاقاتها المعلومة والمجهولة..إدراكه للمدركات وطريقة إدراكها وحفظها وتذكرها.هذه المعلومات والصور المختزنة.أين؟ وكيف؟ هذه الصور والرؤى والمشاهد كيف انطبعت؟ وأين؟ وكيف تستدعى فتجيء..وذلك في الجانب المعلوم من هذه القوى.فأما المجهول منها فهو أكبر وأكثر.تظهر آثاره بين الحين والحين في لمسات وإشراقات تدل على ما وراء الظاهر من المغيب المجهول.
ثم أسرار هذا الجنس في توالده وتوارثه.خلية واحدة تحمل كل رصيد الجنس البشري من الخصائص وتحمل معها خصائص الأبوين والأجداد القريبين.فأين تكمن هذه الخصائص في تلك الخلية الصغيرة؟
وكيف تهتدي بذاتها إلى طريقها التاريخي الطويل،فتمثله أدق تمثيل،وتنتهي إلى إعادة هذا الكائن الإنساني العجيب؟! وإن وقفة أمام اللحظة التي يبدأ فيها الجنين حياته على الأرض،وهو ينفصل عن أمه ويعتمد على نفسه،ويؤذن لقلبه ورئتيه بالحركة لبدء الحياة.إن وقفة أمام هذه اللحظة وأمام هذه الحركة لتدهش العقول وتحير الألباب،وتغمر النفس بفيض من الدهش وفيض من الإيمان،لا يقف له قلب ولا يتماسك له وجدان! وإن وقفة أخرى أمام اللحظة التي يتحرك فيها لسان الوليد لينطق بهذه الحروف والمقاطع والكلمات ثم بالعبارات.
بل أمام النطق ذاته.نطق هذا اللسان.وتصويت تلك الحنجرة.إنها عجيبة.عجيبة تفقد وقعها لأنها تمر بنا كثيرا.ولكن الوقوف أمامها لحظة في تدبر يجدد وقعها.إنها خارقة.خارقة مذهلة تنبئ عن القدرة التي لا تكون إلا للّه.
وكل جزئية في حياة هذا المخلوق تقفنا أمام خارقة من الخوارق،لا ينقضي منها العجب «وَفِي أَنْفُسِكُمْ.أَفَلا تُبْصِرُونَ؟» ..
وكل فرد من هذا الجنس عالم وحده.ومرآة ينعكس من خلالها هذا الوجود كله في صورة خاصة لا تتكرر أبدا على مدار الدهور.ولا نظير له بين أبناء جنسه جميعا لا في شكله