اللّه ورسوله والمؤمنين،وأبرأ من حلف الكفار وولايتهم.ففيه وفي عبد اللّه بن أبي نزلت الآية في المائدة: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ،بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ» إلى قوله: «وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ» ..
وقال الإمام أحمد:حدثنا قتيبة بن سعيد،حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زيادة،عن محمد بن إسحاق،عن الزهري،عن عودة،عن أسامة بن زيد،قال: «دخلت مع رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - على عبد اللّه بن أبي نعوده،فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - «قد كنت أنهاك عن حب يهود» فقال عبد اللّه:
فقد أبغضهم أسعد بن زرارة فمات.. (و أخرجه أبو داود من حديث محمد بن إسحق) فهذه الأخبار في مجموعها تشير إلى تلك الحالة التي كانت واقعة في المجتمع المسلم والمتخلفة عن الأوضاع التي كانت قائمة في المدينة قبل الإسلام وكذلك عن التصورات التي لم تكن قد حسمت في قضية العلاقات التي يمكن أن تقوم بين الجماعة المسلمة واليهود والتي لا يمكن أن تقوم..غير أن الذي يلفت النظر أنها كلها تتحدث عن اليهود،ولم يجئ ذكر في الوقائع للنصارى..ولكن النص يجمل اليهود والنصارى..ذلك أنه بصدد إقامة تصور دائم وعلاقة دائمة وأوضاع دائمة بين الجماعة المسلمة وسائر الجماعات الأخرى،سواء من أهل الكتاب أو من المشركين (كما سيجيء في سياق هذا الدرس) ..ومع اختلاف مواقف اليهود من المسلمين عن مواقف النصارى في جملتها في العهد النبوي،ومع إشارة القرآن الكريم في موضع آخر من السورة إلى هذا الاختلاف في قوله تعالى: «لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا،وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا:إِنَّا نَصارى..إلخ» ..مع هذا الاختلاف الذي كان يومذاك،فإن النص هنا يسوي بين اليهود والنصارى - كما يسوي النص القادم بينهم جميعا وبين الكفار..فيما يختص بقضية المحالفة والولاء.ذلك أن هذه القضية ترتكز على قاعدة أخرى ثابتة.هي:أن ليس للمسلم ولاء ولا حلف إلا مع المسلم وليس للمسلم ولاء إلا للّه ولرسوله وللجماعة المسلمة..ويستوي بعد ذلك كل الفرق في هذا الأمر..مهما اختلفت مواقفهم من المسلمين في بعض الظروف..