أُخْتُهُ:وَاللَّهِ مَا عَرَفْتُ أَخِي إِلاَّ بِحُسْنِ بَنَانِهِ،فَوُجِدَ فِيهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ جِرَاحَةً ضَرْبَةُ سَيْفٍ،وَرَمْيَةُ سَهْمٍ،وَطَعْنَةُ رُمْحٍ،فَأَنْزَلَ اللَّهُ {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا،مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ،فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ،وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ،وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} [الأحزاب] ،قَالَ حَمَّادٌ:وَقَرَأْتُ فِي مُصْحَفِ أَبِي،وَمِنْهُمْ مَنْ بَدَّلَ تَبْدِيلاً. [1]
وعن إِيَاسَ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ،عَنْ أَبِيهِ،قَالَ:قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ،فَخَرَجْتُ أَنَا وَرَبَاحٌ غُلاَمُهُ أُنَدِّيهِ مَعَ الْ إِبِلِ،فَلَمَّا كَانَ بِغَلَسٍ أَغَارَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُيَيْنَةَ عَلَى إِبِلِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَتْلَ رَاعِيَهَا،وَخَرَجَ يَطْرُدُ بِهَا،وَهُوَ فِي أُنَاسٍ مَعَهُ،فَقُلْتُ:يَا رَبَاحُ اقْعُدْ عَلَى هَذَا الْفَرَسِ،وَأَلْحِقْهُ بِطَلْحَةَ،وَأَخْبِرْ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ قَدْ أُغِيرَ عَلَى سَرْحِهِ،قَالَ:وَقُمْتُ عَلَى تَلٍّ،فَجَعَلْتُ وَجْهِي قِبَلَ الْمَدِينَةِ،ثُمَّ نَادَيْتُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ:يَا صَبَاحَاهُ،ثُمَّ اتَّبَعْتُ الْقَوْمَ مَعِي سَيْفِي وَنَبْلِي،فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأَرْتَجِزُهُمْ،وَذَلِكَ حِينَ كَثُرَ الشَّجَرُ،فَإِذَا رَجَعَ إِلَيَّ فَارِسٌ جَلَسْتُ لَهُ فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ،ثُمَّ رَمَيْتُهُ،وَلاَ يُقْبِلُ عَلَيَّ فَارِسٌ،إِلاَّ عَقَرْتُ بِهِ،فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِ وَأَقُولُ:
أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ...وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ.
فَأَلْحَقُ بِرَجُلٍ فَأَرْمِيهِ،وَهُوَ عَلَى رَحْلِهِ،فَيَقَعُ سَهْمِي فِي الرَّحْلِ حَتَّى انْتَظَمْتُ كَتِفَهُ،قُلْتُ:خُذْهَا.وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ فَإِذَا كُنْتُ فِي الشَّجَرِ أَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ،وَإِذَا تَضَايَقَتِ الثَّنَايَا عَلَوْتُ الْجَبَلَ وَرَدَّيْتُهُمْ بِالْحِجَارَةِ،فَمَا زَالَ ذَلِكَ شَأْنِي وَشَأْنَهُمُ أَتْبَعُهُمْ،وَأَرْتَجِزُ حَتَّى مَا خَلَقَ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ ظَهْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ،إِلاَّ خَلَّفْتُهُ وَرَاءَ ظَهْرِي وَاسْتَنْقَذْتُهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ،ثُمَّ لَمْ أَزَلْ أَرْمِيهِمْ حَتَّى أَلْقَوْا أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِينَ رُمْحًا وَأَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِينَ بُرْدَةً يَسْتَخِفُّونَ بِهَا لاَ يُلْقُونَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا،إِلاَّ جَمَعْتُ عَلَيْهِ الْحِجَارَةَ وَجَمَعْتُهُ عَلَى طَرِيقِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا امْتَدَّ الضُّحَى أَتَاهُمْ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ مُمِدًّا لَهُمْ وَهُمْ فِي ثَنِيَّةٍ ضَيِّقَةٍ،ثُمَّ عَلَوْتُ الْجَبَلَ ،قَالَ عُيَيْنَةَ:وَأَنَا فَوْقَهُمْ مَا هَذَا الَّذِي أَرَى ؟ قَالُوا:لَقِينَا مِنْ هَذَا الْبَرْحَ،مَا فَارَقَنَا مُنْذُ سَحَرَ حَتَّى الآنَ وَأَخَذَ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَيْدِينَا،وَجَعَلَهُ وَرَاءَهُ،فَقَالَ عُيَيْنَةُ:لَوْلاَ أَنَّ هَذَا يَرَى وَرَاءَهُ طَلَبًا لَقَدْ تَرَكَكُمْ،فَلْيَقُمْ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْكُمْ،فَقَامَ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْهُمْ
(1) - صحيح البخارى- المكنز - (4048) وصحيح ابن حبان - (11 / 92) (4772)