فهرس الكتاب
الصفحة 135 من 240

ويذكرنا الحق تبارك وتعالى بقوله: { وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ } [الأنفال:26] .والخطف هو أخذ بسرعة،أي أن يأخذ إنسان أو جماعة غير الحق،وعرفنا من قبل أنَّ أخذ غير الحق له صُوَر متعددة،والمثال:نجد تاجراً يعرض أيْ يفرش بضاعته من تمر أو تفاح،ويأتي أحد المارة لينظر إلى البضاعة المعروضة والمفروشة وليس معه نُقُود يشتري بها فيخطف تفاحة أو بعضاً من التمر ويجري بسرعة،ويحاول صاحب البضاعة أن يلحق به وحاول اللص أن يتخلص ويفلت منه؛ فهذا اسمه"غصب"،أما السرقة،فهي أخذ المال خفيةً من حرز وصاحبه غير موجود.ويختلف كل ذلك عن الاختلاس؛ لأن الاختلاس هو أن تأخذ مما في حوزتك وأنت مأمون عليه؛ إذن أخذ غير الحق له عدة صور هي:خطف،أو غصب،أو سرقة أو اختلاس.والحق تبارك وتعالى يقول: { تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ } [الأنفال:26] .أي يأخذونكم دون أن يدافع عنكم أحد.وها أنتم أولاء قد صرتم أقوياء باستقرار الإيمان في قلوبكم،وبمدد من الله عز وجل؛ لذلك يجب أن تذكروه دائماً امتناناً وتقديرا وعبادة،وشكراً،وخشوعاً. ... ...

فهو سبحانه وتعالى قد أعطاكم الاستقرار في المأوى الجديد - المدينة المنورة - ورحب بكم مجتمع الإيمان في المدينة المنورة.

وعندما دخلتم إلى المدينة أقمتم المسجد وهو سمة استمرار النور من السماء هداية للأرض.كان هذا هو أول عمل لكم ولم تنشغلوا من قبله بأي عمل آخر.واعتبركم الأنصارُ إخوةً،فصرتم أقوياء بأخوة الإيمان،وصاروا هم أيضا أقوياء بهذه الأخوة بعد أن كان اليهود هناك يستفتحون عليهم بالرسول القادم،جاء الرسول وكان في نصرة المستضعفين وصار منهجه قوة لكم وللأنصار،وكان المهاجر منكم يجد الدعوة من الأنصارى إلى بيته،لا للطعام ولا للشراب فقط،بل للإقامة أيضاً.

ثم حدث الملحظ العجيب،فالإنسان إذا أنعم الله عليه بنعم شتى،فقد يحب أن يمتع صاحبه من هذه النعم،إلا المرأة،فالزوج يغار على نسائه.لكن الأنصاري من هؤلاء إن كان متزوجاً من اثنين،يقول للمهاجر:لقد جئت من مكة إلى المدينة دون أهلك.فانظر إلى

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام