بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
فإن الخلاف على"حقيقة"الإيمان كان أول خلاف نشأ بين أهل القبلة في مسائل"أصول الدين"؛ ومنذ ذلك الوقت كثر كلام الناس في"حقيقة"الإيمان، وكثر نزاعهم واضطرابهم في ذلك وكُتبت الكتب وصنفت المجلدات؛ ولا يزال الجدال في ذلك قائماً إلى يومنا هذا.
وخلال ذلك كله؛ ظل تراث السلف والأئمة من أهل السنة والجماعة نبراساً مضيئاً؛ ومناراً هادياً لمن أراد الله له الهداية؛ في خضم هذا البحر المتلاطم من التيارات والأفكار والمذاهب المختلفة.
وبحثنا هذا يحاول أن يجمع بين التحليلات المختلفة والتعريفات المتنوعة التي تتناثر في كتب السلف والأئمة؛ ويؤلف بينها في نسق مبسط يظهر من خلاله"حقيقة"الإيمان عند هؤلاء السلف والأئمة؛ وما تفرع عن هذه"الحقيقة"من قضايا خالفهم عليها أهل البدع والأهواء.
ومن ثم فإن البحث يحاول أيضاً أن يلقي الضوء على الأفكار الأساسية التي تدو حولها نظرة الفرق المخالفة في"حقيقة"الإيمان، وما ينبني على هذه النظرة من مواقف فكرية أو عملية.
وأخيراً فالبحث كذلك يحاول أن يتعرف على الأفكار المختلفة المطروحة في الساحة الإسلامية اليوم حول نفس القضية:"حقيقة"الإيمان، ومدى اتفاق أو اختلاف هذه الأفكار مع مفهوم"الإيمان"عند السلف والأئمة.
ولقد أعدنا ترتيب البحث -بناء على اقتراح بعض الأخوة- في صورة إجابات مختصرة على أهم التساؤلات التي غالباً ما ترادو ذهن أي باحث في باب الإيمان؛ وأثبتنا في الهوامش أسماء المراجع لمن أراد الرجوع إليها لمزيد من البحث والتفصيل.
نسأل الله التوفيق والإصابة؛ وأن يكون عملنا خالصاً لوجه الله الكريم؛ إنه نعم المولى ونعم النصير.