المعاصرة هي جرأة غير شرعية، بل مبناها الجهل أو الحسد أو الهوى، لأن أي قول سيقولونه هو موجه لحادثة القصة القرآنية للمشابهة الحقيقية في المعنى بلا اشكال، لكن يمنعهم من هذا هو الجهل بمعنى ما يقولونه في حوادث اليوم هو كل هذا والجرأة على المعاصر.
-العبرة والاقتداء يعنيان الإمكانية، ويلغيان الفوارق المستحيلة، فالأنبياء ومن معهم في القرآن هم بشر، كانوا يعيشون البشرية بكل تفاصيلها، ولهم خصوصية واحدة هي الوحي كما قال تعالى (( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي ) )وقال تعالى (( قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم، ولكن الله يمن على من يشاء من عباده، وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى فليتوكل المؤمنون، ومالنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) )،والقصص القرآنية تعني التجدد، أي وجود المقتدين في كل وقت، إذ لن تخلو الأرض من قائم بحجة، فمادام هناك حق وباطل فإن القصة سيتم الاقتداء بها والعبرة منها، ومن رأى حادثة زمانية معاصرة على وجه من وجوه القصة القرآنية فهو في أصل بحثه مصيب، بل هذا واجب العلماء، أي أن يدخلوا واقعهم في آيات القرآن، فرسول الله صلى الله عليه وسلم سمى أبا بكر على وجه يشابه عيسى عليه السلام، وسمى الفاروق على وجه يشابه نوح عليه السلام، وذلك في حادثة أسارى بدر، وسمى أبا جهل فرعون هذه الأمة، ورفض الصحابة موقف بني اسرائيل حين قالوا لموسى: (( اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ) )بل قالوا (( إذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ) )كما في قصة غزوة بدر، فهذه سنة نبوية مهدية، وهي طريق المهتدين من الصحابة، وكذا فعل ابن تيمية حين صوّر ما وقع في دمشق حين غزو قازان لها على وجه ما وقع للصحابة في الخندق، وجعل الآيات القرآنية التي في سورة الأحزاب على معنى ما حدث في تلك الواقعة، مع أنه لم يحدث في حادثة قازان عين ما حدث في الخندق من الحدث، لكنها العبرة والاقتداء على معنى صحيح، ولن تعدم في زمانه من استهجن هذا الأمر ورآه بعيداً، على قاعدة"المعاصرة حرمان"كما تقدم، ولعدم فهم الوقائع على وجه سنني صحيح، ولو سألت اليوم واحداً من المخالفين في هذا الباب: هل ترى حدثاً في الوجود على معنى إيماني يشبه قصة قرآنية تقرؤها لصدم من السؤال لأنه لم يفكر فيه من قبل، وربما استهجنه وصار إلى النفي المطلق، لأن أمثال هؤلاء لا يرون عبرة الإيمان إلا على وجه خيالي لا علاقة له بالأرض وسننها.
نهاية القول:- لو أن ابراهيم عليه السلام كان في زماننا، أو أراد فتى مثله أن يفعل فعله اليوم فماذا سيقول خط الانحراف عنه؟
وسبب طرح هذا الموضوع؛ أي كسر الأصنام من قبل ابراهيم الخليل عليه السلام ومن غيره اليوم، لأن حادثة معاصرة هي خدو القذة بالقذة في الاقتداء بها قد وقعت، فانطلقت الجموع من داخل الصف الإسلامي تتهم فاعلها، أو فاعليها بالانحراف والخطأ، وجعلوا سبب الحكم هذا هي النتائج المترتبة عليها، مع أن حادثة ابراهيم عليه السلام كانت نتائجها كذلك كما سيأتي.