الأصنام والقتل والتدمير لانتشر الاسلام، أو لأحبه أعداؤه، لكن مثل هذه الأقوال والأفعال هي التي تنشر كراهية الاسلام في قلوب غير المسلمين.
إن هذا الأثر مما ينبغي أن يضرب عليه اليوم، وأن يستر ولا ينشر، فإن قال به أحد رد عليه بأن هذا له سببه الخاص الذي امتنع وجوده في يومنا هذا.
كل هذا الذي تقولون يليق بالقلوب التي ماتت فيها معاني اليقين موعود الله تعالى بنصر المؤمنين ووراثتهم الأرض، ولذلك فإن كل كلمة تسمعونها عن الجهاد وأعماله، وعن موعود الله القادم بالنصر والتمكين تصيب أرجلكم بالاهتزاز جبناًوخوفاً، كأن حالكم كما قال الله تعالى (( يحسبون كل صيحة عليهم ) )،إذ قلوبكم لجبنها شغلها هم ارضاء الكافرين عليكم، ولأن في القلوب تعظيماً لأهل الشرك ومحبة لهم فشغلكم لا تحقيق مقاصد الاسلام من الغزو والتمكين، بل شغلكم أن تسمعوا من كلمات النفاق التي يقولونها لكم بأنكم أهل اعتدال وسلام ومحبة وانسانية، فأنتم لذلك تكرهون من الدين ما يحقق هذا لكم، وتتمنون أن يزال كل ما في الاسلام من حق يكرهه هؤلاء الذين أشربت قلوبهم حبهم وتعظيمهم.
لقد صار من أصول الفقه عندكم ترك الدين الذي يكرهه الكافرون، ذلك لأن ما يكرهه هؤلاء هو سبيل غلبة الدين وتمكينه، وهو الذي يزيل سلطانهم وظلمهم، أما الذي يحبون فهو الذي يبعثكم ويبقى المسلمين في مرتبة الهوان والضعف، فهم يرضون منكم حال السكون ومجرد الكلام، أما الفعل الذي يقض مضاجعهم ويزلزل طغيانهم فإنه يسمى عندهم ارهاباً ووحشية، وإن من عجائب دينكم الباطل أن تقبلوا هذا لأنفسكم، اذ لأول مرة في تاريخ البشرية يكون هم المرء ارضاء خصمه عنه وهو يحاربه ويقتله ويسلبه، فما أعجب ما أتيتم به من جهالة، وليت همكم هو دخو الأعداء في الاسلام، وتوحيدهم لربهم، وايمانهم بالدار الآخرة، بل جل همكم أن يمدحوكم حيث اقتربتم منهم، هذا مع أن الله تعالى نهى رسوله صلى الله عليه وسلم عن هذا السبيل التي أنتم فيه وهو يتمنى دخولهم في دين الله تعالى فقال سبحانه وتعالى (( فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل ) )،بل إن الله عاتب حبيبه محمداً صلى الله عليه وسلم وهو يعرض عن المؤمن اتكالاً على اسلامه، ويقبل على الكافرين وجاء اسلامهم فيقول له: عبس وتولى أن جاءه الأعمى، وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنتفعه الذكرى، أما من استغنى فأنت له تصدى، وما عليك ألا يزكى، وأما من جاءك يسعى، وهو يخشى فأنت عنه تلهى )) ، ويحذر رسوله من ترك بعض الحق تبعاً لأهوائكم فيقول سبحانه (( واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ) ).
فها أنتم خالفتم سنن الحياة، وأعرضتم عن هدي القرآن مع المقاصد الباطلة التي تسعون إليها.