فهرس الكتاب
الصفحة 59 من 76

قال ابن كثير:- أخرج ابن اسحق عن أم سلمة رضي عنهما قالت: لما أجمع أبو سلمة الخروج إلى المدينة رَحَّل لي بعيره، ثم حملني عليه، وجعل معي ابني سلمة بن أبي سلمة في حجري، ثم خرج يقود بي بعيره، فلما رأته رجال بني المغيرة قاموا إليه فقالوا:- هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتنا هذه، علام نتركك تسير بها في البلاد؟

قالت: ففزعوا خطام البعير من بعده وأخذوني منه.

قالت:- وغضب عند ذلك بنو عبد الأسد رهط أبي سلمة وقالوا: والله لا نترك ابننا عندها اذ نزعتموها من صاحبنا.

قالت: فتجاذبوا بني سلمة بينهم حتى خلعوا يده، وانطلق به بنو عبد الأسد، وحبسني بنو المغيرة، وانطلق زوجي أبو سلمة إلى المدينة.

قالت:- ففرق بيني وبين ابني وبين زوجي.

قالت: فكنت أخرج كل غداة فأجلس في الأبطح، فما أزال أبكي حتى أمسي سنة أو قريباً منها، حتى مر بي رجل من بني عمي أحد بني المغيرة، فرأى ما بي فرحمني. فقال لنبي المغيرة:- ألا تخرجون هذه المسكينة، فرقتم بينها وبين زوجها وبين ولدها؟

قالوا: فقالوا لي: الحقي بزوجك إن شئت.

قالت: فرد بنو عبد الأسد إليّ عند ذلك ابني.

قالت: فارتحلت بعيري، ثم اخذت ابني فوضعته في حجري، ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة.

قالت: وما معي أحد من خلق الله، حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة أخا بني عبد الدار، فقال لي: إلى أين يا ابنة أبي أمية؟

قلت: أريد زوجي بالمدينة.

قال:- أو ما معك أحد؟

قلت:- ما معي أحد إلا الله وابني هذا.

فقال: والله مالك من مترك.

فأخذ البعير فانطلق معي يهدي بي، فوالله ما صحبت رجلاً من العرب قط أرى أنه كان أكرم منه، كان إذا بلغ المنزل أناخ بي ثم استأخر عني، حتى اذا نزلت استأخر ببعيري فط عنه، ثم قيده في الشعر، ثم تنحى إلى شجرة فاضطجع تحتها، فإذا دنا الرواح قام إلى بعيري فقدمه فرحله، ثم استأخر عني وقال:

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام