فهرس الكتاب
الصفحة 70 من 76

والعدل تعمر الأرض الجرداء كما قال تعالى (( ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم، ولو أنهم أقاموا التوراة والانجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم، ومن تحت أرجلهم ) )وقال تعالى (( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذنهم بما كانوا يكسبون ) )

فالفساد في الأرض هو الشرك والظلم، وهو الذي يقلب حياة الناس جحيماً حيث يكون المال دولة بين الأغنياء، وبالتوحيد والعدل تزول القرى الظالمة، وتسقط القوى المستكبرة، ويقع بعض الآلام والحرق والقتل ثم يكون الخير للعالم، فها أنتم ترون ماذا جر السكوت عن الطواغيت في بلادنا من الخراب والفقر والجوع والظلم، مع أنكم تلعمون أن بلاد المسلمين هي أغنى البلاد، ولو كان فيها نوع عدل، لا عدل الاسلام العظيم، لما كان الحال هو الحال الذي تسكتون عليه وترون منازعته فساداً في الأرض.

إنكم تمنعون عن حرق بعض النخل ليصلح البعض الآخر، فكان أن كان كل النخل بيد المجرمين، يفسدون دينكم، وينشرون الفساد في بيوتكم، ويظلمون أبشار الناس وأموالهم، ويحولون أمة الإسلام إلى مزرعة لأهل الكفر، لينعمون فيها وبأموالها أكثر مما ينعم بها أهل الاسلام.

لقد حرق رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل بني النضر، فخرجوا من جزيرة العرب، وخرج معهم فسادهم، وآل ما بقي من أموالهم بيد المتقين، وهذا صنيع ورث النبي صلى الله عليه وسلم من مكسري الأصنام، لكنكم لا ترون الآن إلا التحريق والتكسير، ولو أنصفتم لصبرتم لتروا ماذا بعد هذا من الخير العظيم، اذ حالكم هو حال من يسب الطبيب ويتهمه بالفساد وهو يراه يقطع يد المريض التي انتشرت فيها الأكلة، دون أن يدرك معنى الخير بالقطع، او يسب الطبيب الماهر الذي يشق بطن الطبيب لعلاجه دون أن يعرف مراده فيما يأتي من الخير له.

إنكم -أيها الفقهاء الجدد- لا تدركون شيئاً من سنن الخلق في الأرض والحياة، لأن من أهم قواعد سنن هذه الحياة أن لا يقع خير إلا بألم، ولا يستخلص الخير إلا بالتضحية ببعضه، لكنكم لا تفقهون.

عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال:- قا سعد بن عبادة: لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"أتعجبون من غيرة سعد؟ والله لأنا أغير منه، والله أغير مني، ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه العذر من الله، ومن أجل ذلك بعث المنذرين والمبشرين، ولا أحد أحب إليه المدحة من الله، ومن أجل ذلك وعد الله الجنة )) ."

متفق عليه.

قال الفقهاء الجدد:-

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام