فهرس الكتاب
الصفحة 56 من 76

فهذا هو دين الله لا ما زعمتموه من الدين الباطل الذي يرضى القبول بسلطان الجاهلية والعيش في كنفها من خلال فقهكم المعاصر، هذا الفقه الذي ركبتموه على معنى من الجهل والجبن تحت باب الحكمة وملائمة العصر.

قال عمرو بن العاص رضي الله عنه: ما رأيت قريشاً أرادوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم إلا يوماً، ائتمروا به وهم جلوس في ظل الكعبة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند المقام، فقام إليه عقبة بن أبي معيط، فجعل رداء في عنقه ثم جذبه حتى وجب لركبتيه ساقطاً، وتصارع الناس، فظنوا أنه مقتول، فأقبل أبو بكر رضي الله عنه يشتد حتى أخذ بضبعي رسول الله صلى الله عليه وسلم من ورائه ويقول (( أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله ) )،ثم انصرفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى، فلما قضى صلاته مرّ بهم، وهم جلوس في ظل الكعبة، فقال:"يا معشر قريش، أما والذي نفس محمد بيده، ما أرسلت إليكم إلا بالذبح"وأشار بيده إلى حلقه، فقال له أبو جهل: ما كنت جهولاً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت منهم.

قال الهيثمي:- أخرجه أبو يعلى والطبراني، وفيه محمد بن عمر بن علقمة وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح.

فقوله صلى الله عليه وسلم:- (( جئتكم بالذبح ) )أخرجها أحمد في قصة بنحو ما تقدم حيث قال صلى الله عليه وسلم (( أتسمعون يا معشر قريش؟ أما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح ) )

قال الهيثمي:- وقد صرح محمد بن اسحق فيه بالسماع، وبقية رجاله رجال الصحيح.

قلت:- وأهل الحديث في صحيح البخاري بغير هذه الكلمة.

قال الفقهاء الجدد:-

هذا الأثر لا نفتي بمعناه، ولا ننصح المسلمين اليوم به، لأن في لفظه ما لا نحب للمسلمين في زماننا أن يكون في قلوبهم وعقولهم، ولا كذلك في قلوب غير المسلمين، فإن كلمة (( جئتكم بالذبح ) )تناقض ما نحب للمسلمين أن يعرفوا العالم غير المسلم عليه من الاسلام، من أنه دين السلام والمحبة، ولا يدعو للعنف والقتل، فهذه التهمة هي ما يحال أعداء الاسلام أن يلصقوها به، وينصرهم في هذا أهل الجهل ممن يزعمون الجهاد اليوم، اذ أساؤوا للإسلام وأهله بأقوالهم وأفعالهم التي تشبه هذه الكلمة أو تسير على هداها.

إن الذبح الذي يقول به هذا الأثر أمر دخيل على الاسلام، ولم يفعله رسول الله صلى الله وسلم، بل كان يدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ولو ترك الجاهلون من يسمّون بالمجاهدين هذه الأفعال من كسر

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام