فهل في هذا خفاء على صاحب بصيرة، أم انكم قبلتم فتوى الجاهلين بحرمة تعلم فقه الواقع إلا لوي الأمر الذي أفسد الدنيا والدين؟
إنكم قد تزعمون لعموم المسلمين من غير العلماء أن عندكم علماً في الكتاب والسنة لا يعلموه، أما أن تكذبوا على امرئ صاحب عقل يحترم عقله أن هذا الواقع الذي يراه ويعيشه ليس حقيقة فهذا لا سبيل للمسلمين أن يقبلوه منكم، بل مهما زعمتم على الكتاب والسنة فإنكم عند عموم المسلمين كذبة فجرة، تسمون الأشياء بغير اسمها، فهذا الحاكم الذي يعلم الناس ظلمه تسمونه عادلاً، ويعلم الناس فساداً تسمونه صالحاً، ويعلم الناس موالاته للكافرين تسمونه مؤمناً، ويعلم الناس سرقته تسمونه أميناً، فإن كان اجرامكم قد وصل إلى انكار نور الشمس في رابعة النهار فكيف يصدقكم الناس في التبليغ عن الله وعن روسوله؟.
إن صاحب العقل السوي معكم وأنتم في هذه المقامات الضالة الفاجرة إلى حالين؛ إما أن يهدي الله إلى فقه الكتاب والسنة بعيداً عنكم فيعلم أنكم لصوص وقطاع الطريق إلى الله، وإما أن يظن أنكم تقولون ما هو في الاسلام حقاً فيكفر بهذا الدين الذي يدعو لهذه الجهالات، وهذا ما وقع طويلاً في هذه الأمة، اذ ظنوا أن الاسلام لا يصلح لواقعهم ومشاكله لما رأوا منكم ما رأوا، فذهبوا ذات اليمين وذات الشمال، وإن آثام هؤلاء في أعناقكم، وإنه لولا ما أقامه الله من الصادعين بالحق من المجاهدين في سبيل الله لتكرر الحال اليوم، ولذهب الناس إلى مذاهب الضلال التي يرى الناس أئمتها وقادتها ينازعون المستكبرين والظالمين في خطبهم ومقالاتهم، ويرونكم أعواناً للطواغيت، وسدنة للشر، وستاراً يمنع الحق أن يبلغ للناس.
أما إنكم لا تحبون نشر مثل هذه الأخبار، فلم لا والجبان يكره ذكر الشجاعة، والمريض يؤذيه ضوء الشمس، ومحبّ الكافرين يكره ايذاءهم، وولي الطواغيت يسوؤه اغضابهم، وأما ولي الله فإنه يحب ما يحبه الله، ويكره ما يكرهه الله، فيعطي ويمنع، ويحيي ويقتل كما أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى (( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) ).
قلت:- هذه عشرة آثار أردتها نموذجاً لتعامل الفقهاء الجدد مع دين الله تعالى، كما هو تعاملهم مع حادثة كسر الأصنام، إذ القواعد واحدة، وطريقة الأحكام التي تصدر منهم لها أصول لا تحمد فعل السابقين، ولا تفتي أهل الإسلام بهديهم الذي ارتضاه الله قدوة لمن بعدهم.
بهذه الحوادث التي تمت حول هذه الآثار يمكن للمرء الذي يريد وجه الله والدار الآخرة أن يعلم طائفة الحق من طوائف الباطل، كما سيدرك تهافت قواعد الفقهاء الجدد التي ينسبونها للإسلام وهو منها براء.
هناك قضية أخرى، وهي بيان ضلال هؤلاء في فهمهم للآيات والأحاديث التي يحتجون بها في تمرير فقههم المحدث ونشره بين المسلمين باسم الاسلام، وهذه تحتاج إلى حال غير ما أنا فيه، وهي من أعظم ما يقبل عليه