فهرس الكتاب
الصفحة 6 من 76

ما يقوله إمامه الصوفي دراسة علمية شرعية، ولا دراسة عقلية واقعية، بل هو يسلم له لأنه في نفسه في منزلة القبول التام، بل إن الأمر أشد من ذلك، وهو أن هؤلاء الوسطاء- الذين سماهم العلماء ببنيات الطريق- هم جدار في نفس المقلدين تمنعهم من الاهتداء بالكتاب والسنة هذا الصوفي هو حالة منتشرة حتى عند اتباع اعداء التصوف النسكي، فالذي يعظم شيخاً ما في باب من أبواب العلم هو على نهج هذا الصوفي المسكين، ومن واقعنا نموذج حي، وهو ما انتشر في كتب المصنفين وخطب المتحدثين من أهمية ذكر الأحاديث الصحيحة، وهذا أمر في أصله محمود بل واجب شرعي، لكن واقع الفعل هو التقليد البحت، فحين يلغي الكثيرون أحكام السابقين على الأحاديث ليصيروا إلى ما صححه الشيخ الألباني رحمه الله، وإنما هو صدى لمفهوم العصمة النفسي الذي تحياه طوائف كثيرة من المسلمين اليوم، فالكتاب المحقق هو ما ذيلت أحاديثه بالعبارة المشهورة: صحيح الجامع، أو ضعيف الجامع، أو السلسلة الصحيحة أو السلسلة الضعيفة، لكن لو وضع أحدهم تعليق ابن كثير على حديث، أو حكم ابن حجر أو العراقي أو السخاوي، ولا أقول الدارقطني والخطيب البغدادي بل ولا أقول يحيى بن معين وعلي بن المديني وابن أبي حاتم اللازي وطبقتهم لوجدت القارئ ما زال يتساءل: ماذا قال الألباني لتطمئن نفسه، ولن نعدم أحداً يقول:- هذا من القبول الالهي أن وضع لها القبول في الأرض، وهي على نفس منهج انزال كلمة الامام أحمد حين قال:"بيننا وبينكم يوم الجنائز"، إذ يجعلونها منهاجاً لرصد سبيل الحث من سبيل الضلالة، ولا أدري من نطبق من الأمرين إن تعارضا في شخص واحد!.

إنه عالم الأسماء والشخوص وظلالهم على الفعل والقول.

ابراهيم عليه السلام كسر الأصنام فهذا فعل نبوي رشيد، أمرنا الله بالقتداء بهدي صاحبه حين أمر سيدنا وحبيبنا بذلك، فالمهتدي بفعله سيجابه أول ما يجابه في الوسط المسلم: من أنت؟،وهي حالة موازية لحالة الرفض الذي رأيناه عند مخالفة غير المعصومين، ذلك لأن أفعال الأنبياء في نفس المسلمين اليوم هي أفعال علوية سماوية، وكأنها لم تجر على الأرض.

ابراهيم عليه السلام أُلقي في النار العظيمة فقال الله لها:"يا نار كوني برداً وسلاماً على ابراهيم"فحصلت المعجزة كما قال تعالى (( فانجاه الله من النار، إن في ذلك لآيات للمؤمنين ) )،ولهذه الخاتمة الخاصة بالنصرة الالهية فإن الاقتداء بالفعل ممنوع عند المسلمين اليوم، لأنهم كما تقدم يجب الدخول في الصورة كاملة ليحصل الاقتداء، فلو أن مسلماً مهتدياً فعلها ثم أخذ فعذب وقتل، فهذا دليل أن اقتداءه باطل، وأن فعله ليس على سنن ابراهيم الخليل، ولو قيل لهم: هل كانت هناك ضمانة إلهية لإبراهيم عليه السلام بالنجاة من النار؟! لتخبطوا في الجواب خبط عشواء لأن هذا السؤال يبين أن الفعل ممدوح دون النظر لعواقبه على الفاعل بالنجاة أو عدمها، بل إن سنن الآخرين بالمعروف والناهين عن المنكر في الأكثر تبين أن العاقبة هي الشهادة والابتلاء.

اذاً هما معوقان في النفوس للاهتداء بقصص القرآن؛ الظن بعدم أرضية الأسماء المهتدية، والنظر إليها أنها خارج الأرض، وأما نحن فأهل زمن مختلف، فما وقع لهم ليس مضموناً لنا، وعدم فهم معنى الاقتداء إلا

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام