تفتح الباب لإفساد الدين كله، ورد الآثار كلها حتى في ما هو مجمع عليه؛ معلوم من الدين بالضرورة، فالقراءات المعاصرة للقرآن كما يسميها أصحابها، أو كما يسميها البعض بتجديد الخطاب الديني إنما هي نتاج خط الانحراف الأول في التعامل مع المجاهدين وهديهم في هذا الزمان، فالقانون الذي تعطل به شريعة الرحمن في الحدود والقصاص والميراث، بل قانون المجرمين من اللوطيين الذي يقال لهم كذباً بالمثليين (يسمونها بغير اسمها) ، ومثله قانون إباحة الربا البنكي كل هذه ترتكز إلى الأسس التي يطلقها الفقهاء الجدد ضد الجهاد والمجاهدين، ولكن لأن مثل هذه القضايا مؤجلة في داخل الصف المسلم لانشغال العالم بالسد الأول الذي يقف أمام مشاريع الكافرين، أي سد الجهاد والمجاهدين فإذا انهار هذا السد كان سهلاً أن يذهب إلى غيره، وبنفس الأسس التي تعامل بها الفقهاء الجدد مع المجاهدين، لأن قانون التأويل إن فتح فلا يمكن ضبطه مهما حاول المعممون إيجاد موانع لاضطراده وتعميمه، فإذا كان الجهاد اليوم ممنوعاً لمعنى من معاني النفوس واهوائها، فما الذي يمنع تعميم هذا المعنى ليجعل اللواط حلالاً.
نعم، إن نفوس المسلمين اليوم لا تقبل حلّ اللواط، لكنها وقد قبلت حل الربا على ما يقوله بعض المجرمين من كبار المفتين فليس غريباً أن يكبر الخرف وقد فتح، اذ عظيم النار من مستصغر الشرر، ولذلك، فالوذي رفع السماء بغير عمد إن فضل المجاهدين اليوم في المشرق والمغرب أعظم من أن تحيط به الكلمات، وإن لهم ديْناً في عنق كل مسلم ومسلمة، فلولاهم لطرقت بيوت المسلمين بالزنا كما طرقت بطونهم بالربا، ولكان أعظم إنكار الرجل على ابنته وقد دخل إليها عشيقها إلى بيته معها أن يغض طرفه.
فاللهم اجز المجاهدين خير الجزاء، وارفع درجتهم في عليين، وأبقهم وقادتهم ذخراً للإسلام والمسلمين، واحشرنا يوم القيامة معهم وعلى حبهم.
بقيت قضية الأسلوب، وهو أن المرء يشعر بنزول مرتبة كلامه حين يتقمص دور الراوي للأحداث، فإن القارئ المتخصص سيحس بالفرق بين ما يقرؤه عن قصة ابراهيم عليه السلام في القرآن، وبين رواية ما يقوله المعاصرون اليوم من كلمات منحرفة، فالأول مقبول في الوسط العلمي سواء وافقه القارئ أم خالفه، أما الثاني فكأنه من عوالم السيرك، يختلط فيها الجدل بالهزل، والرواية بالخيال، وهذا غير معروف في الوسط العلمي، وقد كنت أتمنى أن أكتب هذا الفصل عن خط الانحراف وقد ملكت الوثائق لأذكر الكلام كما هو دون تدخل مني، لكن ماذا أفعل وأنا هنا لا أملك إلا المصحف بين يدي، فمن أجل هذا فإني أقبل تهمة (( كتابة الرواية والتمثيل ) )مقابل ما ستحقق هذه الطريقة من ماوئد في ظني، فالمقصد هو الدفاع عن القرآن، وعن أهله المعاصرين اليوم الذين أصابتهم سهام الجهل كما أصابتهم قذائف الأعداء، فلم ينصفوا، بل إن المخالفين لهم يتحدونهم بأن يخرجوا من (( جحورهم ) )، وهم يعلمون أنها ليست جحوراً بل أربطة جهاد عجزوا هم عنها، وبعض ممن لا يستحيي يزعم أنه حاورهم في السجون وتمت السياط فلم يستطيعوا أن يجيبوه.