فهرس الكتاب
الصفحة 10 من 76

يلغي خطأ الفقيه ويجعل قوله ديناً يسع المكلف أن يأخذ به في حال، وهذا القول قد تطور على يد عبد الوهاب الشدافي في (( الميزان الكبرى ) )وتضلع منه المعاصرون اليوم اتباعاً للجهل وانسياقاً وراء الهوى للتحلل من التكاليف الشرعية.

أما فقه المصالح والمفاسد المعاصر فهو فقه ضال، بل يؤدي لزوماً بلا مثنوية إلى الغاء السنة النبوية، لأنه يقوم على العمومات والقواعد الفقهية دون اعتبار للخاص، وهذا لم يقل به فقيه قط من السابقين المهديين، بل صرحوا أن القواعد الفقهية ليست دليلاً لمسائل الشرع بل هي تضبط فتاوى النوازل، ثمّ إن هؤلاء أخذوا اسم المصالح والمفاسد من السابقين فقط ثم اعادوا ترتيبها حسب أهوائهم دون اعتبار للشرع في حال تعارض الحسنات والسيئات، وبالتالي صار مفهوم المصالح والمفاسد مفهوماً دنيوياً غير ديني وهي عين قواعد المشركين في رد التوحيد في قولهم (( إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا ) )،وقاعدة أخوانهم (( لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ) )وقاعدة المنافقين (( جعلوا فتنة الناس كعذاب الله ) )، وسبب هذا كله هو انحسار الدين والغيب أمام الدنيا وشهوتها في قاعدتهم المزعومة في المصالح والمفاسد.

حين نستحضر الفعل الإيماني من خلال حوانبه القرآنية ثم نرى ماذا يقول القائلون اليوم ندرك بسهولة ويسر جهالاتهم وذلك بأيسر طريق، لأن المثل اسلوب قرآني، وهو خير لعموم الناس؛ عالمهم وعامهم، فلعل العالم يدرك مستقر كلامه أين هو، فيعيد فهمه للشريعة، وإن أخلص لله فسيبدأ من القرآن الكريم، فهو المبتدأ والمتهى، ولو تفكر الفقهاء الجدد أن مصادر فقهم المعاصر مأخوذة من (( بنيات الطريق ) )، وأن دراستهم للقرآن ضعيفة بل متلاشية لعلموا مقدار بعدهم عن الحق فيما يقولون ويفتون، ورحم الله ابن تيمية حين يخبر آخر عمره عن ندمه في عدم تفرغه للقرآن الكريم، مع ما نعلم من أن أقوى جوانب هذا الرجل العملية هو جانب التفسير والتأويل.

أما العامي فإن الصورة والمثال خير من التجريد، يدرك هذا كل انسان بفطرته، فحين يرى العامي قول المعاصر في فعل ايماني ممدوح كفعل ابراهيم الخليل عليه السلام فإنه سيتجاوز عقبة التقليد التي يأسره الفقيه المعاصر فيها إلى تدبره بالقرآن الكريم كما أمر الله تعالى عبيده.

ولتحقيق الصورة كاملة في فساد منهج الكثير من المعاصرين في أحكامهم الشرعية، وضلال ما يقولونه حول أحداث وأفعال إيمانية معاصرة فكان لابدّ من الفصل الثالث؟ وهو فصل الآثار التي لا يرضاها مزاجهم المنحرف، ولا تستقيم على قانون أصولهم المعاصرة، وهذا الفصل الذي يكشف أحكامهم في مثل قضية كسر الأصنام، لأنه يكشف طرق حكمهم وبواعثه، وحين يرى طالب الحق والهدى ذلك سيدرك أن ما يقولونه ليس من الدين في شيء، حتى ولو تلبس بعبارة الشرع الحكيم، أو بدا لأول قراءة أن مراد أصحابه الخير للإسلام وأهله، وعرض الأحاديث والآثار والأخبار على هذا الوجه طريقة قديمة هي أشبه ما كان يقال له قديماً لاختلاف الحديث أو تهذيب الآثار، ومنافعها أعظم في باب الهدى من غيرها، فأرجو من الله أن ينفع بها، لأن مناهج الانحراف في التعامل مع أهل الجهاد اليوم من قبل الفقهاء الجدد هي التي

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام