ومن ثم تعقب الآية على من هذه صفاتهم بأنهم: «أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ، وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ» ..أولئك الذين صدقوا ربهم في إسلامهم. صدقوا في إيمانهم واعتقادهم ، وصدقوا في ترجمة هذا الإيمان والاعتقاد إلى مدلولاته الواقعة في الحياة.
وأولئك هم المتقون الذين يخشون ربهم ويتصلون به ، ويؤدون واجبهم له في حساسية وفي إشفاق ..
وننظر نحن من خلال هذه الآية إلى تلك الآفاق العالية التي يريد اللّه أن يرفع الناس إليها ، بمنهجه الرفيع القويم .. ثم ننظر إلى الناس وهم ينأون عن هذا المنهج ويتجنبونه ، ويحاربونه ، ويرصدون له العداوة ، ولكل من يدعوهم إليه .. ونقلب أيادينا في أسف ، ونقول ما قال اللّه سبحانه: يا حسرة على العباد! ثم ننظر نظرة أخرى فتنجلي هذه الحسرة ، على أمل في اللّه وثيق ، وعلى يقين في قوة هذا المنهج لا يتزعزع ، ونستشرف المستقبل فإذا على الأفق أمل. أمل وضيء منير. أن لا بد لهذه البشرية من أن تفيء - بعد العناء الطويل - إلى هذا المنهج الرفيع ، وأن تتطلع إلى هذا الأفق الوضيء .. واللّه المستعان.