38 تظهر في مصنفات علم الكلام السني مع إمام الحرمين الجويني، الذي طوع المنطق الأرسطي لخدمة المسائل الأصولية التي عالجها 1، ثم أصبح هذا المنهج هوالسائد في كتابات المتكلمين السنة من بعده، وخلاصته هوالتفريق بين المنطق كأداة للاستدلال وعصمة الذهن من الخطأ، وبين استخدامه لمعالجة القضايا الكلامية والفلسفية.
ظهر الأشاعرة كفرقة مستقلة كما هومعروف بعد ما أعلن أبوالحسن الأشعري (- 324 ه) براءته من مذهب الاعتزال، وانحيازه إلى أهل السنة والجماعة 2. ومن بعد وفاة الأشعري، تولى زمام هذا المذهب شيخان بارزان من تلامذته هما: أبوالحسن الباهلي (370 ه/ 980 م) ، وأبوعبد الله بن مجاهد البصري (370 ه/ 980 م) ، وقد درس على هذين الشيخين ثلاثة أشاعرة كبارهم: أبوالطيب الباقلاني (403 ه/ 1012 م) ، وأبوبكر بن فورك (406 ه/ 1015 م) ، وأبوإسحاق الإسفراييني (418 ه/ 1027 م) ، وبفعل هؤلاء الأقطاب الثلاثة ترسخ هذا المذهب وانتشر في الأمصار 3.
وفي عصر الجويني سار الأشاعرة على خطى أئمة المذهب السابقين لهم، وقد استفاد الجويني بخاصة، ومتكلموالأشاعرة بعامة، من التطوير الذي ابتدعه الباقلاني في الطريقة أوالمنهاج لمعالجة المسائل الكلامية 4. إذ إننا نجد الجويني قد جعل العقيدة «كلها بجميع مسائلها تدخل في نطاق العقل والمنطق، وبذلك دخلت القضايا المنطقية والبراهين الفلسفية في أمور الدين» 5.
أما في موضوعات علم الكلام، فلا نجد عند أشاعرة هذا العصر جديدا لافتا للنظر يضاف إلى المسائل التي قررها الأشعري والباقلاني، سوى بعض
1)ابن خلدون، المقدمة ص 465، وانظر أيضا: سعيد العلوي، الخطاب الأشعري ص 8.
2)ابن عساكر، تبيين كذب المفتري ص 34.
3)ابن خلدون، المقدمة ص 495، وأحمد أمين، ظهر الإسلام ج 4 ص 73.
4)ابن خلدون، المقدمة ص 465.
5)جلال موسى، نشأة الأشعرية وتطورها ص 321.