أول ما يميز الحركة العلمية في هذا العصر، هوظهور المدارس (الأكاديمية) ، إلى جانب الجوامع التي كانت تضم بين زواياها العلم والعبادة، وقد بنيت أولى هذه المدارس في نيسابور للمتكلم الأشعري أبي إسحاق الإسفراييني 1 (418 ه) . ثم تلا ذلك بناء مدرسة أخرى لعلم الأشاعرة الكبير أبي بكر ابن فورك 2 (406 ه/ 1015 م) . كذلك بنى أبوبكر البستي مدرسة أخرى على باب داره في نيسابور أوقفها لأهل العلم 3.
وقد ادعى المقريزي (845 ه/ 1441 م) أن أول مدرسة بنيت في الإسلام هي المدرسة البيهقية، التي بناها أهالي نيسابور تقديرا وتكريما للإمام البيهقي 4 (456 ه/ 1063 م) . بينما نسب السبكي (771 ه/ 1369 م) إلى شيخه الذهبي (748 ه/ 1347 م) القول: بأن أولى المدارس في الإسلام هي المدرسة النظامية، التي بناها الوزير نظام الملك في بغداد ثم في نيسابور 5. لكننا إذا رجعنا إلى مؤلفات الذهبي نفسه، نجده يذكر في ترجمة أبي إسحاق الإسفراييني، أنه قد بني لهذا الشيخ مدرسة في نيسابور 6، لذا يمكن رفع هذا التعارض في أقوال الذهبي بالقول: إنه عنى فيما نقله السبكي عنه، بأن المدارس النظامية هي أولى المدارس الرسمية التي بنيت في الإسلام، ولم يقصد بقوله هذا المدارس الخاصة 7.
بقي علم الكلام في هذا العصر يسير في الاتجاه المحافظ، سواء من ناحية الموضوعات التي عالجها، أومن جهة المنهج الذي عولجت به هذه الموضوعات، مع ملاحظة تطور داخلي في الطريقة أوالمنهج بدأت ملامحه
1)آدم متز، الحضارة الإسلامية ج 1 ص 336.
2)الصريفيني، المنتخب من السياق ص 93.
3)السبكي، طبقات الشافعية ج 4 ص 80.
4)المقريزي، الخطط والآثار ج 2 ص 363.
5)السبكي، طبقات الشافعية ج 4 ص 314.
6)الذهبي، تاريخ الإسلام، حوادث (401 - 420) ص 437.
7)انظر ذلك أيضا في: السبكي، طبقات الشافعية ج 4 ص 314.