باب
في السمعيات
من ثبت صدق لهجته إذا خبر عن كائن ممكن، حصل العلم به لا محالة، لأن المخبر عنه ممكن مقدور لله سبحانه، والمخبر صادق 1.
ثم من أسرار الدين-وهي علق مضنة 2 - أن يعلم اللبيب أن المعلومات تنقسم إلى العقليات والسمعيات. فما كان معقولا وجد العاقل له ثلجا في نفسه وانشراحا في قلبه، وما تلقاه من السمع فهوغير مرتاب فيه، ولكنه لا يجد من نفسه الثلج الذي يجده من المعقولات، فإن المخبر وإن كان مصداقا، فالمصدق فيه مقلد، ولن يبلغ العالم [الناقل] عن تقليد الصادق مبلغ من أدرك الشيء بعقله 3.
في أ: فإن، وما أثبته من ط.
في ط: هو. كتبت في أ: البيب.
الزيادة من ط.
1)اتفق الفقهاء والمتكلمون على اعتبار كل خبر قصر عن إيجاب العلم بأنه خبر واحد، سواء رواه الواحد أوالجماعة التي تزيد عن الواحد. انظر الإحكام في أصول الأحكام لسيف الدين الآمدي ج 2 ص 33.
2)علق مضنة: العلق، النفيس من كل شيء، والمضنة: أي يضن به، والمقصود، أن هذا السر من الدين الذي صرح به الجويني نفيس يضن بالتصريح به. انظر لسان العرب، مادة علق ج 10 ص 268.
3)اتفق الجمهور من الفقهاء والمتكلمين على أن العلم الحاصل عن خبر التواتر ضروري، بمعنى أنه لا يحتاج إلى واسطة مفضية إليه، مع العلم أن هذه الواسطة حاضرة في الذهن، مثل قولنا: القديم لا يكون محدثا، والموجود لا يكون معدوما، ولم يشذ عن ذلك إلا أبا الحسين البصري من المعتزلة، إذ عد العلم الحاصل من التواتر نظريا. انظر الإحكام في أصول الأحكام لسيف الدين الآمدي ج 2 ص 30، 32.