فصل في عذاب القبر 1 وسؤال منكر ونكير 2
ليس ذلك من مستحيلات العقول، فإن القادر على الخلق والإعادة، والإحياء والإماتة، إذ أراد رد الأرواح إلى قوالبها ردها.
ثم الوجه عندي في ذلك أن يقال: الفاهم من الإنسان في حياته، أجزاء
1)أجمع أهل السنة على ثبوت عذاب القبر، ومعتمدهم في ذلك، قول الله تعالى في آل فرعون: النار يعرضون عليه غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب، (46) فالعرض على النار غدوا وعشيا قبل قيام الساعة، وقوله تعالى: فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون (45) فقبل اليوم الذي يصعق فيه العباد يخصص عذاب للذين ظلموا وهوعذاب القبر. ومن الأحاديث التي استندوا إليها في إثبات عذاب القبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مر بقبرين فقال: «إنهما ليعذبان» وقوله: «لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه» . وقوله: «القبر روضة من رياض الجنة، أوحفرة من حفر النار» . انظر الإبانة للأشعري ص 183، ومجرد مقالات الأشعري ص 170 لابن فورك، والإنصاف للباقلاني ص 45، والإرشاد للجويني ص 374، والمغني للمتولي ص 163.
2)وإلى ذلك ذهب جميع أهل السنة، وحجتهم في ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «العبد إذا وضع في قبره وتولى وذهب أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان فأقعداه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلى الله عليه وسلم، فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال: انظر إلى مقعدك من النار، أبدلك الله به مقعدا من الجنة» . قال النبي صلى الله عليه وسلم، فيراهما جميعا، وأما الكافر أوالمنافق، فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس، فقال: لا دريت ولا تليت، ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه، فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين».
رواه البخاري، الجنائز 68، 87 ج 2 ص 113، وانظر أيضا صحيح مسلم بشرح النووي 7، وسنن أبي داود، سنة 24، وسنن النسائي، جنائز ص 109، 110، ومسند أحمد ج 3 ص 126، 233.