فصل
في الكرامات 1
قد كثر خبط الناس في إثباتها ونفيها 2، وقد ألفت في إثباتها والرد على منكريها كتابا 3، وأنا أذكر الآن لبابه في أسطر إن شاء الله جل وعز، فأقول:
في ط: الله تعالى.
1)فرقت الأشاعرة بين الكرامة والمعجزة من ثلاثة وجوه، الأول: من جهة التسمية، فما يدل على صدق الأنبياء سموه معجزة، وما يظهر على الأولياء سموه كرامة، والثاني: إن صاحب المعجزة لا يكتمها، وإنما يظهرها ويتحدى بها المنكرين للنبوة، أما صاحب الكرامة فإنه الأولى أن يجتهد في كتمانها ولا يدعي فيها، فإن أطلع الله عليها بعض العباد، فهذا من باب التدليل على حسن منزلة صاحب الكرامة، أوعلى صدق دعواه فيما يدعيه من الحال، والوجه الثالث: إن صاحب المعجزة مأمون التبديل معصوم عن الكفر والمعصية بعد ظهور المعجزة عليه، وصاحب الكرامة لا يؤمن تبدل حاله. انظر أصول الدين للبغدادي ص 174، 175، والإرشاد للجويني ص 316، والغنية للمتولي ص 152، ونهاية الإقدام للشهرستاني ص 497، والمحصل للرازي ص 322، وغاية المرام للآمدي ص 361، والمواقف للأيجي ص 370.
2)من الأشاعرة الذين نفوا حصول الكرامات الأستاذ أبوإسحاق الإسفراييني، وأبوعبد الله الحليمي. انظر المحصل للرازي ص 322، والمواقف للإيجي ص 370، أما المعتزلة فقد أجمعت بفرقها المختلفة على نفي الكرامات ولم يشذ إلا الخياط منهم. انظر المغني ج 15 ص 218 - 235، والمواقف ص 370، والإرشاد ص 316.
3)لم يحدد الجويني عنوان هذا الكتاب، كذلك لم يذكر أصحاب التراجم مثل هذا المؤلف للجويني، وقد ذكره محمد الزحيلي في بحثه عن الجويني ص 112 تحت عنوان «الكرامات» معتمدا في ذلك على ما ورد في العقيدة النظامية، وهذا التحديد للعنوان لم يبن على دليل، فالجويني كما هوواضح أعلاه قد أشار إلى مضمون الكتاب وليس إلى عنوانه.