فهرس الكتاب
الصفحة 80 من 240

تنمو في إطاره وترتقي وتتطور دون خروج على أصل فيه ولا فرع،لأنه لهذا جاء،ولهذا كان آخر رسالة للبشر أجمعين..

إن تطور الحياة في ظل هذا المنهج لا يعني مجافاتها أو إهمالها لأصل فيه ولا فرع ولكن يعني أن طبيعة المنهج تحتوي كل الإمكانيات التي تسع ذلك التطور بلا خروج على أصل أو فرع.ويعني أن كل تطور في الحياة كان محسوبا حسابه في ذلك المنهج لأن اللّه - سبحانه - لم يكن يخفى عليه - وهو يضع هذا المنهج في صورته الأخيرة،ويعلن إكماله وارتضاءه للناس دينا - أن هناك تطورات ستقع،وأن هناك حاجات ستبرز،وأن هناك مقتضيات ستتطلبها هذه التطورات والحاجات.فلا بد إذن أن يكون هذا المنهج قد احتوى هذه المقتضيات جميعا.. [1]

ويقف المؤمن أمام هذه الكلمات الهائلة فلا يكاد ينتهي من استعراض ما تحمله في ثناياها من حقائق كبيرة،وتوجيهات عميقة،ومقتضيات وتكاليف..

إن المؤمن يقف أولا:أمام إكمال هذا الدين يستعرض موكب الإيمان،وموكب الرسالات،وموكب الرسل،منذ فجر البشرية،ومنذ أول رسول - آدم عليه السلام - إلى هذه الرسالة الأخيرة.رسالة النبي الأمي إلى البشر أجمعين..فماذا يرى؟..يرى هذا الموكب المتطاول المتواصل.موكب الهدى والنور.ويرى معالم الطريق،على طول الطريق.ولكنه يجد كل رسول - قبل خاتم النبيين - إنما أرسل لقومه.ويرى كل رسالة - قبل الرسالة الأخيرة - إنما جاءت لمرحلة من الزمان..رسالة خاصة،لمجموعة خاصة،في بيئة خاصة..ومن ثم كانت كل تلك الرسالات محكومة بظروفها هذه متكيفة بهذه الظروف..كلها تدعو إلى إله واحد - فهذا هو التوحيد - وكلها تدعو إلى عبودية واحدة لهذا الإله الواحد - فهذا هو الدين - وكلها تدعو إلى التلقي عن هذا الإله الواحد والطاعة لهذا الإله الواحد - فهذا هو الإسلام - ولكن لكل منها شريعة للحياة الواقعية تناسب حالة الجماعة وحالة البيئة وحالة الزمان والظروف..

(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (2 / 833)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام