تختل في هذا الأمر فتؤكد على جانب الروح وحدها كالهندوكية والبوذية او جانب الجسد وحده كالجاهلية المعاصرة في شرق أوربا وغربها سواء.
ومن خصائص العقيدة الإسلامية أنها توازن بينهما التوازن الصحيح.فمن ناحية هي تمزج بين عالم الجسد وعالم الروح وتشركهما معاً في مجال العمل ومجال التعبد سواء،ومن ناحية أخرى تعطي كلاً منهما حقه.فلا تشغل الإنسان بعالم الحس وتكبت روحه كالجاهلية المعاصرة،ولا تشغله بأمور روحه على حساب كيانه المادي ومطالب جسده كالجاهلية الهندوكية والبوذية:عَنْ أَنَسٍ،أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ:لاَ أَتَزَوَّجُ،وَقَالَ بَعْضُهُمْ:أُصَلِّي وَلاَ أَنَامُ،وَقَالَ بَعْضُهُمْ:أَصُومُ وَلاَ أُفْطِرُ،فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ:مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا،لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ،وَأُصَلِّي وَأَنَامُ،وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ،فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي." [1] "
وتقوم الحضارة الإسلامية المنبثقة من العقيدة على أساس الجانب المادى والروحى سواء
1-يتطلب الإسلام الإيمان بالغيب،لأنه عن طريقه يؤمن بالله واليوم الآخر،ولكنه لا يطلب منه أن يهمل عالم الشهود.بل إنه فى عرضه لحقائق العقيدة بكثير من الإشارة إلى آيات الله فى الكون لكى يتدبرها الإنسان ويصل عن طريق تدبرها إلى الإيمان بالله0 ومن هنا لا يلجأ الإسلام إلى الغيبوبة الروحية التى يقع فيها بعض المتطرفين فى العبادة زعماً منهم أنهم يستغنون بشهود الذات الإلهية عن شهود الكون الذى خلقه الله،وكذلك لا يقبل أن ينشغل الإنسان بالكون المشهود عن عالم الغيب فيقطع صلته بالله واليوم الآخر كما تصنع جاهلية اليوم
2-قلنا من قبل إن الإسلام لا يفصل بين الدنيا والآخرة،ونقول هنا:إن هذا الربط ذاته هو الذى يوازن بين الدنيا والآخرة فى هذه العقيدة،إذ يحدث عدم التوازن حين تنفصل عن الآخرة فى حس الإنسان،فيقوم بأعمال على أنها للدنيا وحدها منفصلة عن الآخرة،وأعمال أخرى على أنها للآخرة وحدها منفصلة عن الدنيا،عندئذ لابد أن يحدث الاختلال فى حسه فتغلب مجموعة من الأعمال على الأخرى.فإما أن تجذبه الدنيا رويداً رويداً حتى
(1) - مسند أحمد (عالم الكتب) - (4 / 617) (13534) 13568- صحيح