فهرس الكتاب
الصفحة 187 من 240

ولن يكون الإسلام شعائر وعبادات،أو إشراقات وسبحات،أو تهذيبا خلقيا وإرشادا روحيا..دون أن يتبع هذا كله آثاره العملية ممثلة في منهج للحياة موصول باللّه الذي تتوجه إليه القلوب بالعبادات والشعائر،والإشراقات والسبحات،والذي تستشعر القلوب تقواه فتتهذب وترشد..فإن هذا كله يبقى معطلا لا أثر له في حياة البشر ما لم تنصب آثاره في نظام اجتماعي يعيش الناس في إطاره النظيف الوضيء. [1]

وأن من لا يؤمن بها حالد مخلد في النار،قال تعالى: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (85) سورة آل عمران

أي:من يدين لله بغير دين الإسلام الذي ارتضاه الله لعباده،فعمله مردود غير مقبول،لأن دين الإسلام هو المتضمن للاستسلام لله،إخلاصا وانقيادا لرسله فما لم يأت به العبد لم يأت بسبب النجاة من عذاب الله والفوز بثوابه،وكل دين سواه فباطل، [2]

إن اقتناع المسلم إلى درجة اليقين الجازم،الذي لا أرجحة فيه ولا تردد،بأن دينه هو الدين الوحيد الذي يقبله اللّه من الناس - بعد رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - وبأن منهجه الذي كلفه اللّه أن يقيم الحياة عليه،منهج متفرد لا نظير له بين سائر المناهج ولا يمكن الاستغناء عنه بمنهج آخر ولا يمكن أن يقوم مقامه منهج آخر ولا تصلح الحياة البشرية ولا تستقيم إلا أن تقوم على هذا المنهج وحده دون سواه ولا يعفيه اللّه ولا يغفر له ولا يقبله إلا إذا هو بذل جهد طاقته في إقامة هذا المنهج بكل جوانبه:الاعتقادية والاجتماعية لم يأل في ذلك جهدا،ولم يقبل من منهجه بديلا - ولا في جزء منه صغير - ولم يخلط بينه وبين أي منهج آخر في تصور اعتقادي،ولا في نظام اجتماعي،ولا في أحكام تشريعية،إلا ما استبقاه اللّه في هذا المنهج من شرائع من قبلنا من أهل الكتاب...

إن اقتناع المسلم إلى درجة اليقين الجازم بهذا كله هو - وحده - الذي يدفعه للاضطلاع بعبء النهوض بتحقيق منهج اللّه الذي رضيه للناس في وجه العقبات الشاقة،والتكاليف المضنية،والمقاومة العنيدة،والكيد الناصب،والألم الذي يكاد يجاوز الطاقة في كثير من

(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (1 / 423)

(2) - تفسير السعدي - (1 / 137)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام