فهرس الكتاب
الصفحة 185 من 240

حد القتل والقتال..هنا يبين اللّه لأهل الكتاب وللجماعة المسلمة علة هذا الاختلاف: «وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ.بَغْياً بَيْنَهُمْ» .

إنه ليس اختلافا عن جهل بحقيقة الأمر.فقد جاءهم العلم القاطع بوحدانية اللّه،وتفرد الألوهية.وبطبيعة البشرية،وحقيقة العبودية..ولكنهم إنما اختلفوا «بَغْياً بَيْنَهُمْ» واعتداء وظلما حينما تخلوا عن قسط اللّه وعدله الذي تتضمنه عقيدته وشريعته وكتبه.

وقد رأينا فيما نقلناه عن المؤلف المسيحي الحديث كيف كانت التيارات السياسية تخلق هذه الاختلافات المذهبية.وليس هذا إلا نموذجا مما تكرر وقوعه في حياة اليهودية والمسيحية.وقد رأينا كيف كانت كراهية مصر والشام وما إليهما للحكم الروماني سببا في رفض المذهب الروماني الرسمي والتمذهب بمذهب آخر! كما كان حرص بعض القياصرة على التوفيق بين أجزاء مملكته سببا في ابتداع مذهب وسط،يظن أنه يوفق بين الأغراض جميعا!! كأنما العقيدة لعبة تستخدم في المناورات السياسية والوطنية! وهذا هو البغي أشنع البغي.

عن قصد وعن علم! ومن ثم يجيء التهديد القاصم في موضعه المناسب: «وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ» ..

وقد عد الاختلاف على حقيقة التوحيد كفرا وهدد الكافرين بسرعة الحساب كي لا يكون الإمهال - إلى أجل - مدعاة للجاجة في الكفر والإنكار والاختلاف.. [1]

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:"مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ نَفَعَتْهُ يَوْمًا مِنْ دَهْرِهِ أَصَابَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا أَصَابَهُ" [2]

وعَنْ أَبِي ذَرٍّ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:مَنْ قَالَ:لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ،دَخَلَ الْجَنَّةَ فَقُلْتُ:وَإِنْ زَنَى،وَإِنْ سَرَقَ ؟ قَالَ:وَإِنْ زَنَى،وَإِنْ سَرَقَ. [3]

(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (1 / 379)

(2) - شعب الإيمان - (1 / 201) (96 ) صحيح

(3) - صحيح ابن حبان - (1 / 391) (169) صحيح

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام