والفريق الثاني: رجح الأحاديث المثبتة للعدوى، ورد حديث"لا عدوى"، وتقدمت أدلة كلٍّ من الفريقين.
ولكن كلٌّ من هذين الترجيحين مردود، ويمكن الإجابة عنه.
أما ما ذهب إليه الفريق الأول فيجاب عنه بما يلى:
1 -أن الترجيح لا يصار إليه إلا مع تعذر الجمع -كما هو مقرر في علمي مصطلح الحديث (19) وأصول الفقه (20) - وهو هنا غير متعذر كما سبق بيانه.
2 -"أن ما أخرجه الطبري عن عائشة لا ينفى الأحاديث المثبتة للعدوى لأن كل ما في هذه الرواية يدل على أن عائشة رضى الله عنها لم تسمع ما سمع أبو هريرة فهو قد سمع الحديثين من رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بينما لم تسمع هي إلا أحدهما فروى كل منهما ما سمع."
وقد ذكر الحافظ في الفتح (21) أن ابن خزيمة أخرج في كتاب التوكل عن عائشة رضى الله عنها حديث:"لا عدوى، وإذا رأيت المجذوم ففر منه كما تفر من الأسد"فإن صح هذا النقل فهو يرد قول من قال: إن عائشة رضى الله عنها أنكرت حديث"فر من المجذوم"" (22) ."
3 -وأما تردد أبي هريرة رضى الله عنه في الحكم فليس فيه ما يدل على ترجيح أحاديث نفي العدوى، بل لو استُدِل به على العكس وهو ترجيح
(19) انظر: مقدمة ابن الصلاح (172) ، الباعث الحثيث (170) .
(20) انظر: روضة الناظر (2/ 457) ، شرح الكوكب المنير (635) .
(21) انظر فتح البارى (10/ 159) .
(22) مختلف الحديث لأسامة خياط (160) .