وكىُّ العضو إذا قُطع .. وهذا هو الكي الذي قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:"إن فيه الشفاء" (5) .
وإلى هذا المسلك ذهب الطحاوي أيضًا، واستدل عليه بقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حديث جابر:".. أو لذعة نار توافق الداء"فقال:"فإذا كان في هذا الحديث أن لذعة النار التي توافق الداء مباحة -والكى مكروه، وكانت اللذعة بالنار كيَّة- ثبت أن الكى الذي يوافق الداء مباح، وأن الكي الذي لا يوافق الداء مكروه" (6) .
ما ذهب إليه ابن عبد البر وهو أن الكي مباح، وأما أحاديث النهي فتُحمل على أفضلية ترك الكي ثقة بالله وتوكلًا عليه ويقينًا بما عنده.
قال رحمه الله:"فمن ترك الكي ثقة بالله وتوكلًا عليه كان أفضل، لأن هذه منْزلة يقين صحيح وتلك منزلة رخصة وإباحة" (7) .
ما ذهب إليه الخطابي من أن الكي داخل في جملة العلاج والتداوي المأذون فيه، وأما أحاديث النهى فقد أورد ثلاث احتمالات لها.
فقال رحمه الله:"وأما حديث عمران بن حصين في النهي عن الكى (8) "
(5) تأويل مختلف الحديث ص (306) .
(6) شرح معاني الآثار (4/ 322) .
(7) التمهيد (24/ 65) وانظر (24/ 63) .
(8) ونصه:"نَهى النبى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الكى، فاكتوينا فما أفلحنا ولا أنجحنا"أخرجه أبو داود (عون 10/ 246) ح (3859) ، والترمذي (تحفة 6/ 204) ح (2123) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأحمد في مسنده (5/ 589) ح (19330) . والحاكم في مستدركه (4/ 238) ح (7491) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبى. وأخرجه أيضًا ابن حبان في صحيحه (13/ 445) ح (6081) ، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (2/ 733) ح (3274) وشعيب الأرنؤوط في تحقيقه لصحيح ابن حبان.