ثبت عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أنه قال:"فر من المجذوم فرارك من الأسد"وثبت عنه أيضًا أنه أرسل إلى مجذوم وفد ثقيف:"إنا قد بايعناك فارجع" (25) .
وروى أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخذ بيد مجذوم فأدخلها معه في القصعة وقال:"كل باسم الله، ثقة بالله، وتوكلًا عليه" (26) .
فهذه الأحاديث كما ترى قد يفهم منها التعارض إذ إن في الحديثين الأولين الإرشاد إلى تجنب المجذوم والأمر بالفرار منه وفي الحديث الثالث ما ينافي هذا فإنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخذ بيده ولم يتحرز منه بل أمره بالأكل معه، فكيف الخروج من
(25) تقدم تخريجهما ص (81) .
(26) أخرجه أبو داود في كتاب الطب، باب في الطيرة (عون 10/ 300) ح (3918) ، والترمذي في الأطعمة باب ما جاء في الأكل مع المجذوم (تحفة 5/ 538) ح (1877) وابن ماجه في كتاب الطب، باب الجذام (2/ 1172) ح (3542) ، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 309) والطبري في تهذيب الآثار (1/ 28) ح (85) ، وصححه ابن حبان في كتاب العدوى والطيرة والفأل (13/ 488) ح (6120) والحاكم في كتاب الأطعمة (4/ 152) ح (7196) ، ووافقه الذهبي.
ولكن هذا التصحيح متعقب فقد ضعفه الترمذي بسبب مفضل بن فضالة، ومفضل بن فضالة هذا قال فيه ابن معين ليس بذاك، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، وقال على بن المديني: في حديثه نكارة، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن عدي: لم أر له أنكر من هذا يعني حديث جابر. انظر: تهذيب التهذيب (10/ 273) ووثقه ابن حبان، قال شعيب الأرنؤوط معلقًا على توثيق ابن حبان: لم يتابع المؤلف أحد فيما علمت على توثيق المفضل بن فضالة بن أبي أمية القرشي صاحب هذا الحديث. صحيح ابن حبان (13/ 490) حاشية (1) .
كما ضعف هذا الحديث ابن القيم في زاد المعاد (4/ 153) ، وابن عدي في الكامل في الضعفاء (6/ 2404) والألباني كما في ضعيف سنن أبي داود ص (388) ح (847 - 3925) وضعيف سنن الترمذي ص (206) ح (307 - 1893) وضعيف سنن ابن ماجه ص (287) ح (776 - 3542) ومشكاة المصابيح (2/ 1291) ح (4585) .