وفي رواية لمسلم -أيضًا- أنه قال في قوله تعالى: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} : رأى جبريل في صورته له ستمائة جناح.
وفي رواية للبخاري أنه قال في الآية السابقة: رأى رفرفًا أخضر سدَّ أفق السماء (13) (14) .
-وعن أبي هريرة رضى الله عنه أنه قال في قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} (15) : رأى جبريل (16) .
فهذه النصوص -كما ترى- جاءت عن أربعة من الصحابة رضى الله عنهم وهم: عائشة وأبو ذر وابن مسعود وأبو هريرة رضى الله عنهم كلها تفيد عدم رؤية النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لربه تعالى، وأن المرئي في آيات سورة النجم إنما هو جبريل -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
لم يرد في الصحيحين ما يدل على الرؤية إلا ما أُثر عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال في قوله تعالى: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} وَ {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} قال: رآه بفؤاده مرتين وفي رواية قال: رآه بقلبه (17) .
(13) أخرجه البخاري: في كتاب بدء الخلق، باب: إذا قال أحدكم آمين. (3/ 1181) ح (3061) ، وأخرجه أيضًا في كتاب التفسير، باب: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} (4/ 1841) ح (4577) .
(14) هذا التفسير للآية لا يعارض التفسير السابق أنه رأى جبريل عليه السلام، يوضح ذلك ما أخرجه الإمام أحمد (1/ 651) ح (3732) والحاكم (2/ 509) ح (3746) عن ابن مسعود أنه قال:"رأى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جبريل في حلة من رفرف قد ملأ ما بين السماء والأرض"فيجتمع من الحديثين أن الموصوف جبريل عليه السلام. والصفة التي كان عليها، والمراد بالرفرف: الحلة كما جاء ذلك عند أحمد والترمذى تحفة (9/ 171) ح (3337) . وانظر: التوحيد لابن خزيمة (2/ 508) وفتح الباري (8/ 611) .
(15) سورة النجم، آية (13) .
(16) أخرجه مسلم: كتاب الإيمان، باب: معنى قول الله عز وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} (7/ 3) ح (175)
(17) أخرجه مسلم: كتاب الإيمان، باب: معنى قول الله عز وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} (3/ 7، 8) ح (176) .