التوقف (82) وتوكيل علمهم إلى الله تعالى فلا يشهد لهم بجنة ولا نار، وربما عبر بعضهم عن ذلك بقوله: إنَّهم في المشيئة.
وإلى هذا ذهب جماعة كثيرة من أهل الفقه والحديث منهم حماد بن زيد وحماد بن سلمة وابن المبارك وإسحاق بن راهوية وأكثر أصحاب مالك (83) ، واختاره أبو بكر بن الأثرم (84) والبغوي (85) وهو ظاهر كلام الشوكاني (86) .
واستدل أصحاب هذا القول بما يلي:
1 -حديث أبي هريرة وابن عباس أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئل عن أولاد المشركين فقال:"الله أعلم بما كانوا عاملين" (87) .
2 -حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: أتى علىَّ زمان وأنا أقول أولاد المسلمين مع المسلمين وأولاد المشركين مع المشركين، حتى حدثنى فلان عن فلان أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئل عنهم فقال:"الله أعلم بما كانوا عاملين"قال: فلقيت الرجل فأخبرني فأمسكت عن قولي (88) .
3 -عموم قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما في حديث أنس رضي الله عنه:"إن الله عز وجل وكل بالرحم ملكًا يقول: يا ربِّ نطفة، يا ربِّ علقة، يا ربِّ مضغة،"
(82) وليس المراد بالتوقف هنا: التوقف في اصطلاح الأصوليين، انظر: التعليق ص (511) .
(83) انظر التمهيد (18/ 111، 112) .
(84) انظر: كشف المشكل لابن الجوزي (2/ 366) .
(85) انظر شرح السنة (1/ 155) .
(86) انظر: نيل الأوطار (7/ 237) .
(87) تقدم تخريجهما ص (509) .
(88) أخرجه أحمد في المسند (6/ 70) ح (20174) وابن أبي عاصم في السنة (95) ح (214) وابن عبد البر في التمهيد (18/ 105) وقال الهيثمي في المجمع (7/ 218) :"رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح"وقال الألباني في تخريج السنة:"إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم".