أن الرقى جائزة غير مكروهة ولا قادحة في التوكل، وإلى هذا صار أكثر أهل العلم واستدلوا بما سبق ذكره من الأحاديث في جواز الرقى ومشروعيتها، حيث رَقى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ورُقىَ وأمر بالرقى وأقرها.
وأما حديث السبعين ألفًا فقد أجابوا عنه بعدة أجوبة منها:
1 -ما قاله الطبري والمازري وغيرهما من أنه"يحمل ما في الحديث على قوم يعتقدون أن الأدوية نافعة بطباعها كما يقول بعض الطبائعيين، لا أنَّهم يفوضون الأمر لله سبحانه وحده" (7) .
وقال المازري في موضع آخر:".. وينهى عنها بالكلام الأعجمى ومالا (8) يُعرف معناه لجواز أن يكون فيه كفر أو إشراك" (9) .
وقريب منه ما ذهب إليه ابن قتيبة فإنه قال:"الرقى يكره منها ما كان بغير اللسان العربي وبغير أسماء الله تعالى وذكره وكلامه في كتبه، وأن يعتقد أنها نافعة لا محالة وإياها أراد بقوله:"ما توكل من استرقى"ولا يكره ما كان من التعوذ بالقرآن وبأسماء الله عز وجل" (10) .
2 -ما قاله الداوودي وطائفة من أن"المراد بالحديث الذين يجتنبون فعل ذلك في الصحة خشية وقوع الداء، وأما من استعمل الدواء بعد وقوع الداء به فلا" (11) .
(7) المعلم بفوائد مسلم للمازري (1/ 231) ، وانظر فتح الباري (10/ 211) .
(8) في الأصل"مالًا"ولا تستقيم العبارة إلا بما أثبته، والله أعلم.
(9) المعلم (3/ 95) .
(10) تأويل مختلف الحديث، ص 311.
(11) الفتح (10/ 211) .