فهرس الكتاب
الصفحة 89 من 669

الذي يترجح -والله تعالى أعلم- هو مذهب الجمع لأنه ممكن كما سبق، وإذا أمكن الجمع فلا يصار إلى غيره إذ أن فيه إعمالًا لكلا الدليلين، وإعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما، ولذلك فقد ذهب إليه جمهور العلماء، بل صرح بعضهم بأنه هو المتعين كالنووي فإنه لما ساق أحاديث العدوى قال:"والجمع بينهما هو الصواب الذي عليه جمهور العلماء ويتعين المصير إليه" (1) .

وقال القاضى عياض:"والصحيح الذي عليه الأكثر ويتعين المصير إليه أن لا نسخ بل يجب الجمع بين الحديثين" (2) .

ثم إن الراجح -والله تعالى أعلم- من مسالك الجمع هو المسلك السابع، وهو حمل قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:"لا عدوى"على نفى ما كان يعتقده أهل الجاهلية من أن المرض يعدي بطبعه فإن صَاحَبَ هذا الاعتقاد، اعتقاد استقلالية السبب"المرض"بذلك دون تقدير الله تعالى وفعله فهو شرك أكبر وإن كان مجرد التفات إلى السبب وغلو فيه فهو شرك أصغر، فاعتقاد الشخص في السبب هو الذي يحدد كونه شركًا أكبر أم أصغر (3) .

وحمل النصوص الأخرى على إثبات العدوى وأنَّها من الأشياء التي جعلها الله سببًا لانتقال المرض من السقيم إلى الصحيح.

(1) مسلم بشرح النووي (14/ 465) .

(2) نقل ذلك عنه ابن حجر في فتح الباري (10/ 159) .

(3) انظر في الكلام عن الأسباب وتفصيل القول فيها مجموع الفتاوى (8/ 169) ، مدارج السالكين (1/ 268) ، القول السديد، للسعدي، ص (18) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام