فهرس الكتاب
الصفحة 38 من 76

(( تشكل الرضات النفسية التي تنشأ بسبب أحداث مبكرة طفولية، أو بسبب بيئة تربوية تشيد بالذكورة وتوابعها من فحولة وقوة عاملاً مهماً في اختيارات المرء للعنف في حل مشاكله الفكرية مع الآخرين، مع أن الفكر بناء يشاد من خلال الكلمة إلا أن التصور التاريخي لقيمة القوة تلغي أهمية الكلمة ومشتقاتها.

ما هي الرضة النفسية؟

الطفل في المجتمعات الشرقية مقهور بسلطة الأب، مقموع في اختياراته، حتى إنه ممنوع من اظهار ضعفه، فإن بكى صرخ فيه أبوه: أنت رجل لا تبكي، وإذا أراد أن يناقش والده أو أخاه الأكبر اعتبر نقاشه قلة أدب وتجاوز للتقاليد، بهذا تموت ملكة الحوار، كما ماتت ملكة اظهار المشاعر.

ولما كانت المشاعر حالة انسانية فلابدّ من أن تظهر بشكل من الأشكال، وبالتالي سيشير إلى اتجاه وراثة ما وقع عليه، فهو سيقمع أخته (على اعتبار المجتمع الشرقي مجتمع ذكوري) ،وسيقمع كذلك أخاه الأصغر، وهكذا تترسخ نفسية القمع والعنف في داخل هذه البيئات.

التقاليد وبعض الارث الديني الذي يسوقه بعض الخطباء والمدرسين من خلال آيات قرآنية أو أحاديث نبوية شريفة تختار خارج سياقها يتم اختبار الوسائل العنيفة، فالحديث الذي يقول:- (( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ) )لا يفهمونه فهماً جيداً لأن حديث (( ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) )يدل أن الغضب الذي يحرك اليد للفعل العنيف هو مظهر ضعف لا مظهر قوة.

نحن لا ننكر انسداد أفق التغيير، بل وانسداد منافذ التعبير في بعض البلاج، لكن اختيار العنف في البلد الذي وقع فيه فعل تكسير الأصنام، وهو بلد متسامح، كان يدعى فيه هؤلاء لحضور الاحتفالات والتجمعات، يدل على أن المشلكة نفسية وليست بيئية، وهذا ليس خاصاً بالمسلمين إنما اختيار طريق العنف حالة نفسية موجودة في المجتمعات ذات التقاليد التي تعظم دور الرجل القويم على رجل الفكر والكتابة.

الموسيقي والممثل والمغني يقال له في هذه البيئات لا عمل له، يعني أنه لا يمارس فعلاً مهماً، مع أنه في البيئات الحضارية والمتطورة هؤلاء هم النجوم والأبطال، ولذلك فلا عجب أن يقال عن الانسان الذي يقول كلاماً غير نافع ولا مهم أنه يتفلسف، لأن الفلسفة عندهم عمل فارغ ولا أهمية له، بل هو عمل الأغبياء والعاطلين.

ستبقى هذه البيئات تفرز هذا النوع حتى يتم المادة فهم التراث وبناء البيئة الاجتماعية بناءً نفسياً سليماً معافى، وأنا لا ألغي الجانب الأمني من المعالجة لكن الجانب التربوي يجب أن يسير موازياً للجانب الأمني )) .

المفكر الاسلامي (( ... ) )صاحب مذهب الصبر وكف الأيدي، نشر هذا المذهب في كتب عدة، ودعى إلى احياء مذهب ابن آدم الأول القائل (( لئن بسطت إلي يدم لتقلتني ما أنا بباسط يدي إليم لأقتلك ) )،ويقول:- إن غاندي زعيم الهند هو من طبق هذا المذهب تطبيقاً صادقاً، واستطاع به تحقيق استقلال الهند من المحتلين.

علق هذا الأستاذ على حادثة كسر الأصنام قائلاً:-

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام