فهرس الكتاب
الصفحة 30 من 275

أما الأشاعرة المبعدون إلى بلاد الحجاز، فقد عقدوا مؤتمرا بمكة المكرمة في موسم الحج، للتظلم مما فعله الكندري بهم، والبحث في سبل الخروج من هذه المحنة، وشاركهم في هذا المؤتمر عدد كبير من الفقهاء الأحناف، بحيث بلغ عدد المؤتمرين أربعمائة من الفقهاء والأصوليين 1.

واتفق المؤتمر على استفتاء علماء الأمصار فيما جرى، فلما وصل ذلك إلى بغداد قام أبوإسحاق الشيرازي بإصدار فتوى قال فيها: «إن الأشعرية أعيان السنة ونصار الشريعة، انتصبوا للرد على المبتدعة من القدرية والرافضة وغيرهم، فمن طعن فيهم فقد طعن على أهل السنة، وإذا رفع أمر من يفعل ذلك إلى الناظر في أمر المسلمين، وجب عليه تأديبه بما يرتدع به كل أحد» 2. ثم أصدر شيخ الأحناف في بغداد أبوعبد الله الدامغاني فتوى مماثلة 3.

وقد أثار اتفاق المؤتمرين على هذا الاستفتاء حفيظة السبكي في طبقاته، وعلى الأخص لوجود إمام الحرمين بينهم، إذ يقول: «إذ في وجود مثل إمام الحرمين على ظهر الأرض غنية عن استفتاء غيره من الفقهاء، وإنه ليقبح بأهل إقليم فيهم إمام الحرمين، بل بأهل عصر أن تقع لهم نازلة فلا يصغون إلى فتياه، ويكتبون إلى النواحي يستفتون» 4.

لكن التساؤل المهم في هذا المقام، هولما ذا أقدم الكندري على التنكيل بالأشاعرة في نيسابور وللإجابة عن ذلك، بحث المؤرخون قديما في هوية الكندري المذهبية، فعزاه مؤرخ الأشاعرة الكبير ابن عساكر إلى مذهب الاعتزال والرفض 5، وأضاف السبكي إلى ذلك فألصق فيه مذهب المجسمة 6، لكن ما ذكره كل من ابن عساكر والسبكي الأشعريين لا يستقيم إذا ما نظرنا إلى هوية السلطان السلجوقي طغرلبك.

1)السبكي، طبقات الشافعية ج 3 ص 394.

2)ابن عساكر، تبيين كذب المفتري ص 332.

3)المصدر نفسه ص 332.

4)السبكي، طبقات الشافعية ج 3 ص 394.

5)ابن عساكر، تبيين كذب المفتري ص 108.

6)السبكي، طبقات الشافعية ج 3 ص 390.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام