للنيل من الأشاعرة، فبادر إلى إصدار قرار بلعنهم إلى جانب الرافضة في مجالس الوعظ ومن على منابر نيسابور، متهما الأشعري «بالقول في الصفات بخلاف ما يقوله أهل السنة والجماعة» 1. وعند ما وضح وفد أشعري للسلطان موقف الأشاعرة من الصفات الإلهية، وبين له حجم الأذى الذي لحق بهم، أجابهم قائلا «نحن إنما لعنا من يقول ذلك» 2.
ثم أمر الكندري بمنع الأشاعرة من الوعظ والخطابة والتدريس، وسلط عليهم الأوباش فآذوهم، وجروا القشيري والرئيس الفراتي في أسواق نيسابور، ثم أدخلا السجن 3. وتمكن إمام الحرمين من مغادرة نيسابور خفية، واتجه إلى أصبهان حيث العسكر، ومنها غادر إلى بغداد، ومن ثم إلى الحجاز 4. أما البيهقي فقد غادر نيسابور إلى بيهق، ومنها اتجه إلى بغداد وبلاد الحجاز 5.
لكن أبا سهل بن الموفق لم يرض بما حصل للرئيس الفراتي وأبي القاسم القشيري، وكان خارج نيسابور، فعاد إليها، وجمع بعض أنصاره وهاجم المكان الذي احتجز به القشيري والفراتي، وأخرجهما من هناك بالقوة، لكن عسكر السلطان قبضوا عليه وأودعوه ومن معه السجن، ولم يخرج منه إلا في عهد السلطان ألب أرسلان ووزيره نظام الملك 6. أما أبوالقاسم القشيري، فقد فر إلى بغداد، وهناك اجتمع بإمام الحرمين والبيهقي، وصحبهما إلى الحج 7.
وقد وجه البيهقي في أثناء إقامته ببيهق رسالة مطولة إلى عميد الملك الكندري، بين فيها الظلم الكبير الذي وقع بالأشاعرة، ثم وضح موافقة المعتقد الأشعري لما جاء في القرآن والسنة، وما سار عليه الصحابة والتابعون 8.
1)الذهبي، تاريخ الإسلام، حوادث (441 - 460) ص 13.
2)ابن كثير، البداية والنهاية ج 12 ص 65.
3)السبكي، طبقات الشافعية ج 3 ص 392 وج 4 ص 210.
4)المصدر نفسه ج 4 ص 210.
5)المصدر نفسه ج 3 ص 394.
6)المصدر نفسه ج 3 ص 393.
7)المصدر نفسه ج 3 ص 394.
8)ابن عساكر، تبيين كذب المفتري ص 100.