فهرس الكتاب
الصفحة 26 من 275

الطرفين، كان أهمها تلك المحاولة الرائدة التي حدثت عام 442 ه‍، واجتمع فيها العامة من السنة والشيعة على كلمة واحدة، وسار شيعة حي الكرخ إلى الحي السني في نهر القلايين فصلوا فيه، وخرج الجميع إلى زيارة المشاهد والصلاة بها، ثم أخذ شيعة حي الكرخ يترحمون على الصحابة في مساجدهم 1. لكن هذه الموادعة لم تدم طويلا، إذ سارع المتضررون من وحدة الكلمة إلى إفسادها والقضاء عليها في مهدها.

شهد هذا العصر أيضا صراعا دينيا حادا بين أهل السنة المستظلين بالخلافة العباسية وحماتها من السلاجقة، والشيعة الإسماعيلية، المتمثلة رسميا بالخلافة الفاطمية في مصر، وأتباعها في بلاد الشام، والحجاز.

ولم يأل الفاطميون جهدا في نشر المذهب الإسماعيلي في هذه المناطق، معتمدين في ذلك على إرسال الدعاة الحذقين إليها من حين لآخر 2، ومما زاد الطين بلة، الانشقاق الكبير الذي حدث بين صفوف الإسماعيلية في مصر، وأدى إلى ظهور المذهب الدرزي، واللافت للنظر في هذا المقام، ذلك التحالف الذي نشأ بين الشيعة الإسماعيلية، وأهل السنة في مصر، بقصد مقاومة الحركة الدرزية الناشئة 3، مما اضطر بعض أقطابها إلى الهرب نحوبلاد الشام والدعوة لمقولاتهم الغالية هناك 4.

كذلك لعب الخليفة العباسي دورا أساسيا في مقاومة الانتشار الفاطمي، إذ تمكن من جمع أعيان وفقهاء السنة والشيعة في بغداد، وعقدوا مجلسين صدر عنهما القدح في نسب الفاطميين، وأنهم لا يمتون بصلة إلى آل البيت، وما ادعوه باطل وزور، وأنهم خارجون عن الإسلام، ويرجع نسبهم إلى

1)ابن الجوزي، المنتظم ج 8 ص 145، وابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 1 ص 561.

2)حسن حسن، تاريخ الإسلام السياسي ج 3 ص 150، 151.

3)ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة ج 4 ص 183، وحسن حسن، تاريخ الإسلام السياسي ج 4 ص 261.

4)بروكلمان، تاريخ الشعوب الإسلامية ص 255.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام