فليعلم المنتهي إلى ذلك، من رام أن يثبت إعجاز القرآن، بأنه في جزالته خارق للعادات، مجاوز لفصاحة اللد البلغاء، واللسن الفصحاء، فقد حاد عن مدرك الحق. فإن من تأمل كلام العرب في نظمها ونثرها، لم يتحقق عنده انتهاء جزالة القرآن، إلى حد الخروج عن العادة في الزيادة على كلام الفصحاء.
ومن تكلف إثبات ذلك فقد تكلف شططا، وظن غلطا، وتمشدق بالكلام الطويل من غير تحصيل 1. ومن أنصف وانتصف؛ ولم يتعسف، لم يلح له أن شعر امرئ القيس 2، والذبياني 3،. . .
في ط: المشتهي. في ط: للعادة.
في ط: مجاوز في الفصاحة أقدر البلغاء.
في ط: والفصحاء. في أ: كلف، والمثبت من ط.
في أ: وتهدف للكلام، والمثبت من ط.
1)في الإرشاد ص 349: «لوقدرنا الجزالة المحضة معجزة، لم نعدم سؤالا مستحيلا، إذ لوقال قائل: إذا قوبل القرآن بخطب العرب ونثرها وأشعارها وأراجيزها، لم ينحط كلام اللد البلغاء، واللسن الفصحاء عن جزالة القرآن انحطاطا بينا قاطعا للأوهام» .
2)امرؤ القيس (80 ق. ه/ 545 م) : هوامرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي من بني آكل المرار، شاعر جاهلي، يماني الأصل، كان أبوه ملك أسد وغطفان، أمضى شبابه في الصيد والغزل، ولما قتل أبوه، أخذ يسعى لاستعادة ملكه، لكن بني أسد هزموه بمساعدة الفرس، فاستنجد بالروم إلا أنهم خذلوه، لقب بالملك الضليل لأنه ضيع ملك أبيه، نظم معلقته في ابنة عمه عنزة، ومطلعها: قفا نبك. انظر ترجمته في طبقات الشعراء للجمحي ص 13، وشرح المعلقات السبع للزوزني ص 1، وخزانة الأدب للبغدادي ج 1 ص 299 والأغاني للأصبهاني ج 9 ص 77.
3)الذبياني (-604 م) : هوزياد بن معاوية بن ضباب بن سعد الذبياني، أبوأمامة، والنابغة لقب له، كان حكما بين الشعراء في سوق عكاظ، عاش في الجاهلية وعاصر حرب داحس والغبراء، له قصيدة البائية التي مدح بها الغساسنة، والدالية التي مدح بها النعمان من=