فهرس الكتاب
الصفحة 24 من 275

نيسابور وقاتل معهم، واشتدت الحرب بين الطرفين، فانهزم الشيعة، وأسر الكثير منهم، وصلب بعضهم في الطرقات وعلى الأشجار ويقال: إنه قد أعدم خلق كثير منهم، ثم أخذ والي كرمان بعضهم كرهائن، وأودعهم السجون، وهدد أهالي طوس وأبيورد بقتلهم إن كرروا مهاجمتهم نيسابور 1.

أما في بغداد، فكان الاحتكاك اليومي المباشر بين شيعة حي الكرخ، وسنة باب البصرة، وباب نهر القلايين، يولد أحداثا مأساوية، وكثيرا ما كانت الدماء تسيل بين الطرفين نتيجة هذا الاحتكاك.

ومن هذه الفتن ما حدث في بغداد عام 420 ه‍/ 1029 م، إذ قال أحد مشايخ الشيعة في خطبة له يوم جمعة، بعد أن صلى على النبي صلى الله عليه وسلم «وعلى أخيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، مكلم الجمجمة، ومحيي الأموات البشري، الإلهي، مكلم فتية أهل الكهف، إلى غير ذلك من الغلووالابتداع» 2، فاستبدل بهذا الخطيب خطيب آخر من السنة، ولما نزل من على المنبر، هاجمه المصلون، فأحرقوه، «وأعروه وأعروا ولده وحرمه» 3، فما كان من الخليفة إلا أن استدعى أعيان الشيعة وأمرهم بتهدئة الأمور، واتفق معهم على تعيين خطيب آخر أكثر اعتدالا يحرسه كبار العسكر 4.

وفي عام 443 ه‍/ 1051 م قام شيعة حي الكرخ بالكتابة على أبراج قد بنوها «محمد وعلي خير البشر» . فادعى أهل السنة أن أصل الكتابة كانت «محمد وعلي خير البشر، فمن رضي فقد شكر، ومن أبى فقد كفر» 5. إلا أن الشيعة قد أنكرت هذه الزيادة، وأيدهم في ذلك بعض مؤرخي أهل السنة 6.

وقد أدت الكتابات الاستفزازية هذه إلى حدوث صدام دموي بين الطرفين، ذهب ضحيته خلق كثير 7، ونبش جهال أهل السنة المشهدين

1)ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 9 ص 435.

2)المصدر نفسه ج 9 ص 393.

3)ابن الجوزي، المنتظم ج 8 ص 43.

4)المصدر نفسه ج 8 ص 43.

5)المصدر نفسه ج 8 ص 149.

6)انظر: المصدر نفسه ج 8 ص 149، وابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 9 ص 576.

7)ابن الجوزي، المنتظم ج 8 ص 150.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام