أنه إذا عصى فقد انفرد بخلق فعله، والرب تبارك وتعالى كاره له فكان العبد على هذا الرأي الفاسد مزاحما لربه في التدبير، موقعا ما أراد إيقاعه، شاء الرب تعالى-على قولهم -أوكره.
فإن قيل: على ما ذا تحملون آيات الطبع والختم والإضلال في القرآن وهي متضمنة اضطرار الرب تعالى الأشقياء إلى ضلالتهم/.
قلنا: إذا أتاح الله تعالى حل هذا الإشكال، والجواب عن هذا السؤال، لم يبق على ذوي البصائر بعده غموض. فنقول أولا: من أنبأ الله تعالى عن الطبع على قلوبهم، كانوا مخاطبين بالإيمان، مطالبين بالإسلام، والتزام الأحكام، مطالبة تكليف ودعاء، مع وصفهم بالتمكن والاقتدار والإيثار 1، كما تبارك وتعالى:
ليست في ط. على قولين: ليست في ط.
في أ: ما، وما أثبته من ط. في أ: هل، والمثبت من ط.
في ط: سبحانه.
1)-أما قدرة الإنسان الحادثة فهي لا توجد مقدورها من العدم، وهي بالتالي وإن انفردت بإيجاد مقدورها فإنها مخلوقة لله تعالى، إذ لم يوجبوا وقوع المقدور بها، ولوكان الأمر كذلك لأصبح تأثير القدرة في مقدورها تأثير العلة بالمعلول، وهذا ما نفته المعتزلة. انظر ديوان الأصول لأبي رشيد النيسابوري ص 319، والمغني في التوحيد والعدل للقاضي عبد الجبار ج 4 ص 331 - 334.
1)قررت الأشاعرة أن الله تعالى قد أضاف لنفسه أسباب الهداية والضلال وترك للعبد حرية الأخذ بهذه الأسباب أوالعزوف عنها، فالاهتداء أوالضلال هما كسب للإنسان وفعل له، أما الهداية والإضلال فهما فعل لله تعالى، وقد استدلت الأشاعرة على ذلك بأدلة نقلية وأخرى عقلية، فالهداية بمعنى الدعاء إلى الحق وإقامة الأدلة عليه (البيان والدعوة) تضاف إلى الرسل، وكل داع إلى سبيل الله، وهي عامة لجميع العباد، ودليلهم على ذلك قوله تعالى: والل?ه يدعوا إلى? د?ار السلا?م ويهدي من يش?اء إلى? صر?اط مستقيم (25) وقوله: إنم?ا أنت منذر ولكل قوم ه?اد وقوله: وإنك لتهدي إلى? صر?اط مستقيم. أما المعنى الآخر للهداية وهوخلق الاهتداء في قلوب العباد فهي خاصة بالمؤمنين المهتدين، وفي ذلك ورد قوله تعالى: فمن يرد الل?ه أن يهديه يشرح صدره للإسلا?م وقوله تعالى: إنك لا? تهدي من أحببت ول?كن الل?ه يهدي من يش?اء. أما الطبع والختم والقفل كما في قوله تعالى: ختم الل?ه على? قلوبهم بل طبع الل?ه عليه?ا بكفرهم وجعلن?ا على? قلوبهم أكنة فقد فسرت الأشاعرة ذلك بأن جعلت هذه