بتقلباته في غلبات النوم وغمراته. فإذا وجب أن تدل الأفعال على علم خالقها، ثم لم تدل على علم العبد في حال نومه وذهوله، دل أنها دالة على علم خالقها ومقدرها، وهورب العالمين 1.
فإن قيل: ما ذكرتموه إبطال منكم لأقسام الكلام، وتتبع للمذاهب، ولم توضحوا ما هوالحق بعد.
قلنا: ليس بمدرك الحق [خفاء] لمن وفق له. وها نحن نبديه بالجرأة من غير تعريض وتعريج على تقليد فنقول: قدرة العبد مخلوقة لله تبارك وتعالى باتفاق القائلين بالصانع، والفعل المقدور بالقدرة الحادثة واقع بها قطعا، ولكنه مضاف إلى الله تبارك وتعالى تقديرا وخلقا، فإنه وقع بفعل الله تبارك وتعالى وهوالقدرة، وليست القدرة فعلا للعبد، وإنما هي صفته، وهي ملك لله تبارك وتعالى وخلق له.
وإذا كان موقع الفعل خلقا لله، فالواقع به مضاف خلقه للرب تبارك وتعالى وتقديرا، وقد ملك الله العبد اختيارا يصرف به القدرة، فإذا أوقع بالقدرة شيئا آل الواقع إلى حكم الله [تعالى] من حيث أنه وقع بفعل الله تعالى 2.
في ط: نومه. الزيادة من ط.
في ط: بما يحصن به، وكتبت في أ: بجرية.
في أ: تقليل، والمثبت من ط.
في أ: العالمين. تبارك: ليست في ط.
في ط: خلق الله تعالى. في ط: خلقا.
في ط: إلى الله تعالى. الزيادة من ط.
1)يكرر الجويني هنا ما ذكره أيضا في الإرشاد ص 190.
2)ينقلب الجويني هنا على ما ذكره في الإرشاد ص 208 - 210، إذ انتصر لشيخه الأشعري، وقرر أن القدرة الحادثة لا تؤثر في مقدورها أصلا. وهذه الفقرة هي الإسهام الأصيل من قبل الجويني في تطوير نظرية الكسب كما وضعها الأشعري، لذا فقد تعرض الجويني نتيجة قوله هذا لانتقادات الأشاعرة المتأخرين عنه والذين وصفناهم فيما سبق بشراح نظرية الكسب. انظر ص 189 هامش 2.