يدعي الاستبداد بالخلق 1، وبين أن يخرج نفسه عن كونه مطالبا بالشرائع- وفيه إبطال دعوة الأنبياء عليهم السلام -وبين أن يثبت نفسه شريكا لله تبارك وتعالى في إيجاد الفعل الواحد.
وهذه الأقسام بجملتها باطلة، ولا ينجي من هذا البحر الملتطم ذكر اسم محض، ولقب مجرد من غير تحصيل معنى. وذلك أن قائلا لوقال: العبد مكتسب وأثر قدرته الاكتساب، والرب تبارك وتعالى مخترع وخالق لما العبد مكتسب له 2.
عليهم السلام: ليست في ط.
في أ: من، وما أثبته من ط.
تبارك وتعالى: ليست في ط.
في ط: المتلطم. في ط: مختص.
في أ: خالق. في ط: مكتسبه.
1)وفي ذلك إشارة إلى المعتزلة الذين ادعوا أن الإنسان مريد لأفعاله حقيقة، موجد لها بقدرته على الحقيقة، ولا علاقة لإرادة الله وقدرته في صدور هذه الأفعال، فالإنسان سيد أفعاله يختارها بنفسه دون تدخل إلهي. انظر الإبانة للأشعري ص 146، وشرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص 348، 349، والمغني في التوحيد والعدل ج 8 ص 257، ودي بور، تاريخ الفلسفة ص 101.
2)هذا قول الأشاعرة بعامة مقتدين في ذلك بشيخهم أبي الحسن الأشعري الذي قرر أن خلق الفعل على الحقيقة يتم بقدرة الله المطلقة، أما اكتسابه على الحقيقة فإنه يتم بقدرة حادثة خارجة عن الذات وزائدة عليها، وقد أخذ بذلك كل من أبي إسحاق الإسفراييني، وابن فورك والبيهقي وعبد القاهر البغدادي وأبي إسحاق الشيرازي وأبي سعيد المتولي والكياهراسي والشهرستاني والفخر الرازي وسيف الدين الآمدي وعضد الدين الإيجي.
وكان هؤلاء الأشاعرة بمثابة شراح لما قرره شيخهم الأشعري ومدافعين عن نظريته في الكسب أمام الخصوم من الفرق الأخرى ومنتقدي الأشعري، حتى إن هؤلاء قد وسعوا دائرة نقدهم لتطال بعض زملائهم من الأشاعرة كالباقلاني والجويني ومحاولتهما لتطوير نظرية الكسب، فقد افترق الباقلاني عن الأشعري بأن أثبت تأثير خاصا لهذه القدرة في صفة الفعل أوحاله، فالقدرة المحدثة وإن لم يكن لها تأثيرا في إيجاد الفعل نفسه من جهة الوجود، إلا أن لها تأثيرا في إيجاد الفعل على صفة معينة، فالحركة وهي جنس عام مخلوق لله تعالى وواقع بقدرته، أما الأنواع التي تنضوي تحت هذا الجنس الأعم، ككون «هذه الحركة طاعة أومعصية، قياما أوقعودا، إقداما أوإحجاما، كفرا أوإيمانا، فهي واقعة بقدرة العبد» .