على تقليده مصمم على جهله. ففي المصير إلى أنه لا أثر لقدرة العبد في فعله قطع طلبات الشرائع، والتكذيب بما جاء به المرسلون.
فإن زعم زاعم ممن لم يوفق لمنهج الرشاد، أنه لا أثر لقدرة العبد في مقدورها أصلا 1، فإذا طولب بمتعلق طلب الله تعالى بفعل العبد تحريما في ط: فإن زعم من.
في أ: مقدوره.
= الريح لا حول له ولا قوة، وكان هذا منه حتى ينتفي الشبه بين الخالق والمخلوق، فالله سبحانه هوالقادر وهوخالق أفعال العباد، أما العباد فهم محل لأثر هذه القدرة، ولا قدر لهم لأن ثبوتها لهم يؤدي إلى تشبيه الخلق بالخالق. وهذا ما جاء في المصادر، لكن مشاركة الجهم في الثورة ضد بني أمية ومقتله، وبالتالي الانفصام بين موقفه العقدي ومسلكه، يجعل من درء الشك في هذه النصوص أمرا عسرا، أوأنه يمكن القول: إن الجهم قد غير من موقفه العقدي في مسألة أفعال العباد، وأثبت قدرة الإنسان على أفعاله وإمكان تغيير الواقع بالسعي إلى ذلك. انظر الشهرستاني، الملل والنحل ص 87، والإسفراييني التبصير في الدين ص 96.
1)اشتهر هذا القول عن أبي الحسن الأشعري، الذي نادى بالكسب لتفسير أفعال العباد، وفسر الكسب بأنه ما وقع بالقدرة الحادثة، فعند ما تتعلق إرادة الإنسان بفعل ما فإن الله يخلق فيه قدرة تكسب الفعل، لكن هذه القدرة لا أثر لها في مقدورها إلا من باب الاكتساب. أما إيجاد الفعل فهوخلق من الله تعالى، فالفعل الإنساني يقع من جهتين مختلفتين، فهويقع من جهة الله تعالى خلقا، ومن جهة الإنسان كسبا، لذا بادر خصوم الأشعري إلى التشنيع بقوله هذا وعدوه من محالات الكلام فقالوا: محالات الكلام ثلاث: طفرة النظام وأحوال أبي هاشم وكسب الأشعري.
لكن القارئ لكتب الأشعري نفسه التي وصلت إلينا لن يقف على نص له في منع تأثير القدرة في مقدورها، وإنما سيجد تحرزا من القول بأن المقدور يوجد بالقدرة الحادثة مستقلة في ذلك عن القدرة الإلهية، خوفا من الوقوع بما ذهبت إليه المعتزلة بأن القدرة الحادثة تستقل في إيجاد مقدورها. وقد بين ابن فورك في كتابه مجرد مقالات الأشعري حقيقة موقف الأشعري من الكسب وأثر القدرة في مقدورها، ومن النصوص التي ذكرها ابن فورك عن الأشعري: «وكان يذهب في تحقيق معنى الكسب-والعبارة عنه-أنه ما وقع بقدرة محدثة» «وكان يقول إن عين الكسب وقع على الحقيقة بقدرة محدثة ووقع على الحقيقة بقدرة قديمة» «وكان يقول إن الإنسان يصح أن يوصف بأنه مقدر على الحقيقة، ولكن تقديره يكون مخلوقا لله تبارك وتعالى» والأشعري إجمالا أجاز وقوع مقدور بين قادرين ومنع حصول فعل بين فاعلين. انظر مجرد المقالات لابن فورك ص 91 - 98.