بالتالي إلى تفشي أعمال السرقة والنهب، وفي بعض الحالات كانت هذه الأعمال تتخطى ذلك لتطال بيوت الحكام ودار الخلافة نفسها 1.
وقد نقل المؤرخون تفاصيل دقيقة عن سنوات القحط والمجاعة التي عمت الديار الإسلامية في ذلك العصر، كالمجاعة الشديدة التي عمت نيسابور وكامل خراسان، فاشتد الغلاء، واختفت السلع الغذائية من الأسواق، مما دفع الناس إلى قتل بعضهم بعضا «فكان الإنسان يصيح: الخبز الخبر فيموت» 2.
وفي سنة 439 ه/ 1047 م اشتد الغلاء في البلاد كافة، مما اضطر الناس إلى أكل الميتة والكلاب والبغال 3. ومما كان يزيد الحالة الاقتصادية سوءا، كثرة الحرائق التي كانت تحدث في أغلب الأحيان بفعل النزاعات والفتن المذهبية، كالحريق الذي أصاب نيسابور في أثناء مهاجمة شيعة طوس وأبيورد لها 4، والحريقين الهائلين اللذين أصابا بغداد سنة 417 ه/ 1026 م وسنة 467 ه/ 1045 م 5.
ومما ساعد أيضا على تفاقم الحالة الاقتصادية، العوامل الطبيعية التي عمت أرجاء العالم الإسلامي، إذ كثرت الزلازل والبراكين والهزات الأرضية، كما كثرت الأوبئة والأمراض الفتاكة، فكثر الموت بين الناس حتى عجزوا أحيانا عن دفن موتاهم 6.
أما مصادر الدولة المالية، فكانت تعتمد إجمالا على الزكاة، والخراج، والجزية، وما يفرض من ضرائب على الأرض الزراعية، والمحال التجارية، وأصحاب الحرف 7، وكان الحكام والأمراء عند ما تضيق بهم الأحوال يلجأون إلى مصادرة الأموال، وزيادة الضرائب، مما دفع بالكثير من الأغنياء
1)ابن كثير، البداية والنهاية ج 12 ص 77.
2)ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 9 ص 225.
3)ابن الجوزي، المنتظم ج 7 ص 301.
4)ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 9 ص 434.
5)المصدر نفسه ج 9 ص 349، ج 10 ص 97.
6)المصدر نفسه ج 9 ص 438، وابن الجوزي، المنتظم ج 7 ص 276.
7)آدم متز، الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري ج 2 ص 174.