فهرس الكتاب
الصفحة 17 من 275

أما الطبقة الوسطى فكانت دائما تقع ضحية أطماع رجالات الطبقة الخاصة إذا ما أتى عليهم الزمان 1. وفي الوقت نفسه كانت فريسة سهلة لأعمال السلب والنهب التي كانت تقوم بها طبقة العامة، وعلى الأخص أيام القحط والمجاعة 2.

وإضافة إلى هذه الطبقات، كان يوجد في الديار الإسلامية مجتمع أهل الكتاب من يهود ونصارى، وكان هؤلاء يتمتعون بالحرية الكاملة لإقامة شعائرهم الدينية، بفعل سياسة التسامح التي كان ينتهجها حكام ذلك العصر بخاصة، والمسلمون بعامة تجاههم 3. ولا نجد في المصادر التاريخية التي أرخت لتلك الفترة أي إشارة لمحنة وقعت بأهل الكتاب، سوى تلك المحنة التي لحقت بيهود ونصارى مصر أيام الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله 4 (- 411 ه‍) . ونجد في هذه المصادر إشارات واضحة إلى مشاركة الخليفة العباسي للنصارى واليهود في أعيادهم واحتفالاتهم، وكان يزور أديرتهم في بعض المناسبات، فيغدق عليهم بالهبات والعطايا، وكذلك كان يفعل السواد من المسلمين، إذ كانوا يشاركونهم في أعيادهم وأفراحهم وأتراحهم 5.

كان للأحداث والاضطرابات السياسية في ذلك العصر الأثر الأكبر في تردي أحوال الناس الاقتصادية، ومما كان يعمق تردي هذه الأحوال، الصراع الدائم بين طبقات المجتمع السالفة الذكر، والفتن الدينية التي كان يستعر أوارها بين المذاهب الإسلامية المختلفة. فعند ما كانت تقع الاضطرابات على اختلاف أسبابها في بلد ما، سرعان ما ترتفع أسعار المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية، مما ينعكس سلبا على قدرة العامة في تأمين ما يقوتها، ويؤدي

1)أحمد أمين، ظهر الإسلام ج 2 ص 13، 14.

2)زهير كبي، الإجماع ص 101.

3)حسن حسن، تاريخ الإسلام السياسي ج 4 ص 627.

4)ابن كثير، البداية والنهاية ج 12 ص 77.

5)حسن حسن، تاريخ الإسلام السياسي ج 4 ص 627، وأحمد أمين، ظهر الإسلام ج 2 ص 22، 23.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام